تراجعَ «بايدن».. وليس «نتنياهو»!

أخبار البلد-

 

انتهت اللعبة قصيرة الأمد والأقرب إلى المناورة منها إلى موقف أميركي «مبدئي", من «رئيس الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ اسرائيل» على ما قال الرئيس الأميركي/بايدن في معرض انتقاده لنتنياهو والإئتلاف الفاشي الذي ترأسه منذ نهاية العام الماضي، على نحو بدا وكأن الرئيس «الديمقراطي» الذي يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية المُقررة في تشرين الثاني 2024، وضع شرطاً لازباً إزاء دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض, على ما درجت عليه الإدارات الأميركية المُتعاقبة, في دعوة رئيس حكومة الدولة «الأغلى» على قلوب ساسة الولايات المتحدة وج?رالاتها. ليس فقط في كونها «الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط", على ما دأبت آلة الدعاية الأميركية وصف دولة العدو الصهيوني, بل خصوصاً في أن أميركا وإسرائيل «تتشاركان القيم نفسها».

ليس مهماً بعد اليوم ما قاله الفاشي العنصري وزير الأمن القومي/بن غفير, في رده القاسي وغير المسبوق على رئيس الدولة العظمى التي أغدقت بسخاء ولمّا تزل, كل أنواع الهبات والمساعدات العسكرية والتقنية والاستخبارية والنقدية, عندما ذكّر بن غفير بايدن بان «إسرائيل ليست نجمة أخرى على علم الولايات المتحدة»، كما ليس مُهماً ان نتنياهو ما يزال مُصِّراً على إقرار التشريعات الرامية إلى «إصلاح القضاء», رغم ما قيل عن المكالمة الهاتفية التي جرت بينه والرئيس الأميركي بناء على «مبادرة» الأخير الذي هاتف نتنياهو, وأن رئيس الإئتلاف?الفاشي «وَعدَ» بايدن بـ«تجميد»عملية اقرار القوانين هذه, إلى دورة لاحقة للكنيست قاصداً الدورة الصيفية الحالية, على ما نشرت وسائل إعلام صهيونية مُتعدّدة المصادر.

نتنياهو الذي «إستغرب» بغضب عدم دعوته (حتى الآن) من قبل إدارة بايدن, بعد أن شكّل حكومته الفاشية الحالية في 29/ 12/ 2022، لكنه «استل من جعبته جملة ردود قاسية, شكّلت من بين أمور أخرى «صفعة» لإدارة بايدن, خصوصاً بإقرار موجة عاتية من بناء وتوسيع عمليات الاستيطان, شملت من ضمن ما شملت معظم الضفة الغربية وخصوصاً القدس المحتلة, فضلاً عن الغاء قرار فك الارتباط ببعض مستوطنات شمالي الضفة, وخصوصاً مستوطنة «حومش» التي قررت محكمة العدل العليا الصهيونية عدم «قانونية» إعادة استيطانها. لكن نتنياهو وإئتلافه ردا بإزدراء على ق?ار المحكمة, معتبرين أن لـ"حومش"مكانة توراتية وتاريخية لها صلة بمستقبل الاستيطان الصهيوني في أرض الميعاد (كذا). زد على ذلك «الورقة» المهمة والمُثيرة التي أشهرها نتنياهو في وجه إدارة بايدن, عندما أعلن أنه سيلبي دعوة رسمية لزيارة الصين في شهر آب الوشيك. ما رآه محللون ودبلوماسيون صفعة مُدويَّة لبايدن, حال مضى نتنياهو قدماً في هذا المسار وزار الصين. حيث باتت الأخيرة على رأس جدول أعمال إدارة بايدن لما تشكله من تحدٍ ومخاطر مزعومة على المصالح القومية الأميركية, على ما تواظب ضخّه وسائل الإعلام والدبلوماسية الأميركي?, كما جنرالات البنتاغون وعلى رأسهم وزير الدفاع الجنرال/لويد اوستن.

وسائل الإعلام في دولة العدو الصهيوني كما أحزاب المُعارضة وقادتها, ركَّزت هي الأخرى على «التوتر» المُتصاعد في علاقات نتنياهو وائتلافه الفاشي بالبيت الابيض. خاصة في ظل تواصل الاحتجاجات الجماهيرية المتواصلة (للأسبوع الـ«29»), باتساع وشمولية منذ خمسة أشهر. والتي اكتسبت زخماً اضافياً بعد إقرار بند «اللا معقولية» بالقراءة الأولى, والرامي إلى منع أو تقييد تدخّل محكمة العدل العليا في قرارات الحكومة (أي استتباع السلطة القضائية السلطة التنفيذية المُنتخَبة كما يُصر نتنياهو وحلفاؤه).

يقول بورام دوري، في مقالة له في صحيفة «معاريف» تحت عنوان «لعِلم وزرائنا": الصِدام مع الإدارة الأميركية ليس فقط غباء وجهلاً في الشؤون الدولية بل وخطراً وجودياً»..لافتاً إلى أن رئيس الولايات المتحدة لا يتأثر من عرضِه كَـ«يساري» في إسرائيل»، فهو - يضيف دوري - ومؤيدوه واليهود في الحزب الديمقراطي، يعرفون دعمه الذي لا لبس فيه, على مدى سنوات طويلة لدولة إسرائيل، كما انني – يواصِل – أعرِف الأقوال الغبية.. مثل «لا تقلقوا إسرائيل قوية..اقتصادها أفضل اقتصادات العالم»..ولهذا فـ«يمكن الإستخفاف بردود فعل صديقنا الأساس ع?ى وجه البسيطة..وليس هكذا هو الحال».. خاتماً بالقول: إن «قوة إسرائيل تقوم على أساس عنصرين هامّين: النوعية البشرية المُذهلة لمواطني إسرائيل، والحلف مع الولايات المتحدة».

مقالات كهذه تكاد لا تخلو منها معظم بل كل وسائل الإعلام في دولة العدو. ومع ذلك فإن نتنياهو ماضٍ في تنفيذ جدول أعماله, خاصة جملة الاتفاقات التي وقّعها مع شركائه في الائتلاف الفاشي. مُدركاً نتنياهو أن «إدارة بايدن لن تمضي إلى نهاية الشوط, في محاولات عزله»، بل هي ستتراجع قبل أن يرفع الراية البيضاء. وهذا ما حدث أول أمس. علماً أن بايدن أكد في مكالمته مع نتنياهو «التزام بلاده بأمن إسرائيل»، فيما تتواصل المناورات العسكرية المُتعددة السيناريوهات بين الجيش الأميركي وجيش العدو, والمرشحة لمزيد من التنسيق والتكامل, مع ?واصلة بايدن مساعيه وضغوطه لـ"توسيع إتفاقات إبراهام التطبيعية».