قانون الجرائم الإلكترونية "المر" سيمر!

أخبار البلد-

 
يقول الكاتب الإيرلندي الشهير جورج برنارد شو: "الحكومة التي تسرق بيتر لتعطي باول، دائما تنتظر الدعم والتأييد من باول"، وهذا على قاعدة المصالح والمنافع المتبادلة بين الحكومة والسحيج والموالي لها لأنها تطعمه .

من خلال تجاربنا مع مجلس النواب الحالي وحتى المجالس السابقة في السنوات القليلة الماضية، فإن من يجرب المجرب عقله مخرب، ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين، من يتأمل خيرا في مجلس النواب بخصوص قانون الجرائم الإلكترونية عليه أن يتذكر أن غالبية النواب الحاليين كان انتخابهم أشبه بالتعيين، ولم يردوا ولا قانون للحكومة، ودائما تحصل الحكومة على الثقة وتمر الميزانية المثقوبة بكل خفة ورشاقة من أمام أعينهم.

ودائما أيضا يمطرون الحكومة بكلمات وخطب رنانة تشعر وكأنهم سيسقطون الحكومة وميزانيتها وقوانينها في أية لحظة بالضربة القاضية التي لا تقوم بعدها للحكومة أية قائمة، لكن النتيجة دائما تكون لصالح الحكومة التي تخرج فائزة بنتيجة ساحقة ماحقة.

ولم تكن الحكومة بحاجة لقانون للجرائم الإلكترونية فقانون العقوبات وقانون المطبوعات والنشر كافية ووافية، وبدا لي ولمعظم المطلعين أن الحكومة تقف عاجزة تماما أمام تقدم منصات التواصل الاجتماعي وعدم قدرتها على ملاحقتها ومجاراتها.

تقديم القانون للمجلس هو اعتراف بفشل الحكومة في بناء منظومة إعلامية وطنية تواكب ما يشهده العصر من تطورات وتقدم متسارع في مجال التطبيقات الذكية، وفي عدم قدرتها على إقناع المواطن بقصتها وروايتها لما جرى وما يجري وما سيجري، فهربت إلى الحل الأسهل الذي لن يكلفها أي تعب لكنه سيكون صداعا دائما لها، وهو خنق أي نقد لها وللنواب ولأي فاسد بقانون سيضع الأردن ضمن الدول المعادية للحريات، وهذا قد ينعكس على باقي المؤشرات الدولية.

المشكلة قد لا تكون في الحكومة ولا في النواب الذين يجدون أنفسهم أمام أحزاب هشة تبحث عن المقاعد النيابية والتمويل الحكومي والاستعراض الشعبوي دون تقديم برامج أو مواقف واضحة، وأمام صحافة ووسائل إعلام، في غالبيتها "مدجنة" أو "داجنة" ومروضة تنام في بيت الطاعة الحكومي بعد فقدت أية قيمة مهنية وأية قدرة لها على التأثير، كما أن غالبية مؤسسات المجتمع المدني التي لا تتحرك إذا لم يكن هناك تمويل لتحركها ولمشاريعها.

وأمام هذا الخراب ستجد الحكومة نفسها تصول وتجول وتفعل ما تريد بوصفها اللاعب الوحيد المؤهل للبطولة الوطنية، وكما قال رئيس الحكمة السابق الدكتور عمر الرزاز بأن كل مر سيمر، فإن المر سيمر أيضا من مبنى النوابفيالعبدلي.