ما يزال القلق قائما.. عليكم طمأنتهم

أخبار البلد-

 
ارتفعت وتيرة الحديث عن العمل الحزبي والانخراط في الأحزاب خلال الفترة الماضية، وهذا أمر إيجابي، وما يقوم به الرئيس بشر الخصاونة في هذا الجانب محمود، كما أن ما يقوم به الرئيس فيصل الفايز الذي ينشط بقوة في المحاضرات والندوات في مواقع مختلفة ودعواته للشباب والطلاب والمرأة الانضمام للأحزاب من شأنه توسعة قاعدة المعرفة واليقين لدى فئات مختلفة من أبناء الشعب، ويجعل الناس أو بعضهم أكثر قناعة بالمرحلة ونتائجها، ولعل الفايز هو الأنشط في هذا المجال حتى الآن.

الحراك الذي نراه هذه الأيام يأتي في سياق توجه الدولة نحو العمل الحزبي، ويصب في المسار عينه الذي تحدث عنه الملك طويلا سواء في أوراقه النقاشية أو من خلال لقاءاته المتواصلة مع فئات مختلفة من أبناء الشعب والسياسيين والكتاب والمجتمع المدني في المحافظات أو في القصر الملكي.
 

بات واضحا للجميع أن إرادة رأس الدولة في الإصلاح لا رجعة عنها، والانتخابات النيابية التي ستجري العام المقبل ستشهد (كوتة) حزبية تساوي 41 مقعدا من أصل 138 مقعدا هي عدد مقاعد مجلس النواب المقبل (العشرين) وفق القانون الجديد الذي أقره المجلس الحالي وجاء نتيجة اجتماعات ولقاءات عقدتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في إطار التوجه الملكي نحو إصلاح مفاصل الدولة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الإدارية.
ما يجري منعش، من شأنه رد الحياة لجسد الإصلاح، ولكنه غير كاف، فالقلق الشعبي من الأحزاب قائم، وما زال البعض رغم التطمينات يتخوف منها، وهذا خوف تراكمي تنامى عبر سنين مضت، ورفع من الخوف وقت ذاك تدخلات أمنية مورست سابقا، أثرت على توجه الناس للأحزاب.
ولأن الحكومة والأطراف كافة يؤكدون أن التدخلات ذهبت وانتهت، وأن المرحلة الحالية والمقبلة مختلفة، وأن الإصلاح حقيقي، وليس ديكوريا أو ورقيا أو شعارا يقال في منتديات ومؤتمرات وغيرها، وأن ما يقال هو ذاته المعمول به لا خلاف بينهم، فلذلك كله وبناء على ما سبق دعونا نتفق أن الناس تحتاج للطمأنينة أكثر، وأن محاولات إدارات الدولة الترغيب بالأحزاب يجب أن تتواصل، وأن يترافق ذاك مع إعادة الثقة بمؤسسات الدولة وأجهزتها، وإعادة الاعتبار لمؤسسة مجلس النواب، والتعامل مع السلطة التشريعية وفق رؤية مختلفة باعتبارها شريكا فاعلا في القرار وليس مترجما فقط لتوجهات الحكومة ورغباتها وقراراتها.
نعم نحتاج لجدل تحت القبة، ونقاش عميق حول كل التشريعات، وإعادة قوانين ورفض أخرى، جدل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الهدف منه مصلحة الوطن والمواطن، نريد لكل سلطة القيام بواجباتها الدستورية (رقابة وتشريعا) دون تغول إحداهما على الأخرى، ودون تدخلات من أي طرف.
هناك أدوات إقناع يحب التعامل معها، فهذا المواطن الذي تربى على أن الأحزاب (رجس من عمل الشيطان) يتوجب إقناعه من خلال الممارسات أن (شيطنة) الأحزاب كان إرثا وانتهى، وللأحزاب دور في الحياة السياسية المستقبلية للبلد.
على أجهزة الدولة تعزيز رؤية أردن المؤسسات وسيادة القانون، والمواطنة والحريات أردن لا واسطة أو محسوبية فيه، يتقبل الآخر ويتحاور مع الجميع، نعم هذا الأردن الذي نريد، والذي من خلاله نستطيع العبور للمئوية الثانية ونحن أكثر قوة وعزما وإرادة.
لا نريد أن نبقى ندور في الدائرة عينها، ونفكر في الصندوق ذاته، نريد أردنا لنا جميعا لا سيادة فيه لهويات فرعية أو إقليمية أو عشائرية أو جهوية، وقتها نستطيع أن نطمئن أن الشعب سيذهب بلا تردد للأحزاب، والخوف انتهى، لأن القانون سيكون وقتها هو الحكم في كل مفاصل الدولة، وسيطبق القانون على الجميع.