الأمم المتحدة تدخل على خط أزمة الدين العالمي

أخبار البلد- 

«عالم من الديون» /2022، عنوان تقرير جديد أعدته مجموعة الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات العالمية، وصرح فيه ان هناك 3.3 مليار شخص أي قرابة نصف سكان العالم سيعانون بسبب معاناة حكوماتهم فيما يتعلق بالدين العام.

كوارث طبيعية وأخرى صنيعة البشر من الحروب والأزمات السياسية المتتالية وغيرها صحية والقائمة تطول تتالت على هذا العالم في غضون سنوات معدودة، ولم يرحم أصحاب القرار في الدول الغنية والتي ان صح القول تقوم بهندسة العالم كما تشاء وتهوى مصالحها المتعددة والمتشعبة، ليبقى نحو نصف سكان العالم تحت خط الفقر فإن لم تقتلهم الجوائح والكوارث الطبيعية والحروب قتلتهم المجاعات وافناهم الفقر المدقع.

تحذيرات متتالية بشأن الدين العام العالمي، جاءت على لسان وضمن أوراق التقارير الدولية التي حذرت حتى تلك الدول الغنية من انعطافة حقيقية لكنها عكسية في أداء اقتصادها ورفاه سكانها، الا انهم قرروا حجب السمع للمنادين باتخاذ اجراءات تتنافى مع مصالحهم الخاصة لتكون أوسع وتشمل العالم الذي يعاني منذ ست سنوات وحتى يومنا هذا.

وفي قراءتنا للتقارير الدولية فإن الدول النامية لن تتمكن من تحقيق معدلات انفاق جيدة ومطلوبة على التعليم والصحة، فهي معنية بسداد نفقاتها الجارية أو التزاماتها المتعددة من خلال الاستدانة، وستصل إلى مرحلة المفاضلة ما بين خدمة شعبها أو خدمة دينها وهي الاولوية، لتتعاظم مع هذا الامر المشكلة عالميا بزيادة عدد الفقراء وتدهور الصحة والتعليم، ويصاحبها عجز هذه الدول من توفير المال لسداد نفقاتها الجارية.

الدول النامية تعاني من فشل منهجية الاستثمار وتتكئ على مبدأ الاستدانة وقدرتها على السداد، لتحقق في نهاية المطاف القدرة المطلوبة للوفاء بالتزاماتها الجارية، دون ان تأخذ بعين الاعتبار اهمية العمل على الاصلاح الحقيقي والبنيوي لاقتصادها وآليات عمله.

بعض هذه الدول غيرت من منهجية عمل اقتصادها وتبنت عدة اساليب وطرقت ابوابا متعددة ووضعت خططا تحل الواحدة مكان الاخرى التي لم تجدِ نفعا، فقامت بتعزيز قطاعها الاستثماري بالشكل الممكن، والعمل على خلق بيئة استثمار حقيقية بالرغم ما يلف العالم من مشاكل اقتصادية مؤثرة وعلى رأٍسها ارتفاع اسعار الفائدة عالميا، والتضخم، كما نوعت اسواقها ووسعت من دائرة تحالفاتها العالمية دون أي استقطاب، وعززت من قدرة عملاتها المحلية، واجراءات اخرى متعددة، وكلها تصب في خانة تلافي الاقتراب من مكامن خطر الدخول في ازمات مالية تدفع إلى ركود على مستوى اقتصادها أو ان تكون احد المتضررين من الركود العالمي.

اذا ما نظرنا إلى الكثير من دول العالم النامية والتي تعاني ازمة الدين العام وخدمته، نجد انها تبنت فكرة اليابان التي رمت وراء ظهرها الدين واعباءه خاصة وانها في مقدمة الدول المدينة عالميا، بتركزها على تعزيز الاستثمار، حتى وان تراجعت حاليا، الا انها لا زالت هي ومن احتذى بها يرى بان الاستثمار الرأسمالي هو الاهم في تحريك عجلة الاقتصاد، وتنمية القطاعات على اختلافها، وبالتالي تم ربط النمو الاقتصادي في هذه الدول بالاستثمار وتنويع الاقتصاد وتوسيع الاسواق التصديرية، من خلال النظر عبر منظار المصلحة الوطنية المطلقة.

التحذيرات العالمية لازالت قائمة بان الاقتصاد العالمي قد يدخل في أي لحظة لدوامة الركود، وتبعاته قد تتجاوز القدرات، لكن هناك من يرغب بالخروج بشكل حقيقي من دائرة هذه التوقعات، من خلال التحصين بامكانات تمنع من الانزلاق إلى منحدر بهذه الخطورة.

لا ندري متى ستهدأ الاجواء العالمية ومتى ستبدأ مرحلة الانفراج، انما علينا دائما ان ندرك اننا جزء من هذا العالم ولسنا بعيدين عن ما يحدث فيه، والوقاية دائما خير من العلاج.