خلفية جنون زيلنسكي
أخبار البلد- الفنان المهرج زيلنسكي بعد ان تولى الرئاسة في أوكرانيا لم يعد يميز بين دوره المسرحي في العمل الفني، وبين عمله كرجل سياسة، مسؤول عن شعب أوكرانيا ومصالحه العليا، وضمان استقلاله وسيادته وتطوره السلمي وفق مرتكزات السياسة القومية والإقليمية والدولية واولويات العملية السياسية، بعدما تورط في اللعبة الأميركية الخطرة، وارتضى ان يكون رأس حربة لحربها العالمية بالوكالة للمحافظة على مكانتها العالمية، وفي الدفاع عن نظام القطب الواحد، ووقف عجلة التغيير في المنظومة العالمية الآخذة في الانزياح نحو عالم متعدد الأقطاب، فاندفع دون قراءة المعادلات التاريخية الناظمة لنفوذ القوى المركزية في الاقليم، وتجاهل كليا وعن سابق تصميم دور روسيا في المنطقة الاوراسية، فوقع في المحذور وعدم التمييز بين العمل المسرحي وشروط رجل السياسة، فبقي اسير خلفيته الفنية، واعماه الخلط الناجم عن تغييب الضوابط الإقليمية والدولية نتاج التبعية العمياء لمخطط واشنطن، التي ورطته في حروبها بالوكالة وعلى حساب المصالح القومية الأوكرانية، ففجر حربا غير محسوبة النتائج مع روسيا الاتحادية.
وزاد من جنونه وتعاميه عن رؤية التطورات الخطرة الدعم الأميركي والاوروبي الغربي، واعتقد ان إمكانية انضمامه لحلف الناتو، والاتكاء على دعم الغرب بزعامة البيت الأبيض يؤمن له الحصانة للخروج من الشرنقة الاوراسية. وتناسى ان الانضمام للناتو ليس مسموحا به لا روسيا ولا اميركيا ولا أوروبيا غربيا. لان حسابات الغرب في استخدامه أداة لتنفيذ مخططهم، لا تلزمهم بقبوله في الحلف، ولهذا أخيرا في مؤتمر الناتو المنعقد في ليتوانيا يوم الخميس الموافق 13 يوليو الحالي، بعد عقد مؤتمر السبعة الكبار في الغربيوم الأربعاء 12 يوليو، وضعوا صيغة شكلية عنوانها "الناتو وأوكرانيا" وهي صيغة التفافية على قبوله في الحلف.
وكان بايدن صرح يوم الأربعاء الماضي" لا يمكن لأحد الانضمام للناتو فيما الحرب لا تزال مستمرة لكن بعد الحرب يمكن انضمامها ". وهي ذريعة لاسكات الطفل الاهوج بالكف عن الصراخ بالمطالبة بعضوية الناتو. ولإرضائه وعدوه بتقديم المزيد من الدعم المالي والعسكري بطائرات إف 16، والقنابل العنقودية المتطورة وغيرها من أنواع الأسلحة المتطورة، بالإضافة للضمانات الأمنية طويلة الأمد، التي اعتبرها الرئيس بوتين وأركان قيادته تجاوزا خطرا للخطوط الحمر الروسية، وتحمل في طياتها تصعيدا يهدد بنقل الحرب الدائرة منذ ما يزيد على الخمسمئة يوم الى مرحلة نوعية، قد تنحو نحو اللجوء للأسلحة النووية. رغم ان الرئيس الأميركي، ادعى في مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء الماضي، ان روسيا، لن تلجأ لاستخدام الأسلحة النووية. الا ان مدفيديف، نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي، شدد على ان "الحلف وروسيا الآن على شفا الحرب، او بالأحرى في خضمها." وكتب يوم الثلاثاء الماضي 11 يوليو من ان "الحرب العالمية الثالثة تقترب." وعقب على تشكيل ما يسمى "حلف الناتو وأوكرانيا"، بانه سينتهي مع زوال احد الأطراف.
أضف لذلك، ان قمة الناتو الأخيرة شهدت خلافات غربية مع زيلنسكي، عبر عنها وزير الحرب البريطاني، بن والاس يوم الخميس 13 يوليو الحالي بالقول ان "لندن وحلفاءها ليسوا خدمة "أمازون" لتوصيل الأسلحة الى أوكرانيا، مطالبا الرئيس الاوكراني باظهار الامتنان". وتابع "كنا نتوقع ان تنتهي الحرب في غضون أسبوعين. حتى الان قدمنا 83 مليار دولار كمساعدات عسكرية لاوكرانيا. وبالتالي المشرعون سيواجهون مشاكل سياسية في المستقبل بسبب المساعدات العسكرية المرسلة لكييف." ومع ان رئيس الوزراء البريطاني حاول التخفيف من حدة موقف وزير دفاعه، لكن الطلقة البريطانية خرجت، وكشفت المستور وحدة الخلافات البينية بين الغرب الأوروبي وكييف.
وكان السياسي الفرنسي نيكولاس دوبون آيجتان اكثر وضوحا في تشخيص رجل أوكرانيا الأول، حينما وصف زيلنسكي بالمجنون الذي لا يمكن السيطرة عليه، وقال "أوروبا ستغرق في الدماء إذا حقق الرئيس الاوكراني انضمام بلاده الى الناتو." وأضاف "زيلنسكي سيجلب الضعف للحلف. هذا الرجل مجنون ويريد شيئا واحدا، هو رؤية أوروبا بأكملها في النار والدم". الامر الذي يفرض على المسرحي السياسي المجنون التوقف، وإعادة النظر في أحلام يقظته، والكف عن الشطط السياسي والعسكري، وقراءة المعادلات السياسية واللوحة العالمية بمنظار مغاير لحماية مصالح أوكرانيا العليا، وابعاد شبح الحرب عن الشعب الاوكراني، بالتخلص من دور الدمية الأميركية.
لكن يبدو من الصعب على الفنان الهزلي، الذي تقمص دور السياسي الخروج من نفق التيه والصبيانية السياسية. لان إدارة بايدن تعمل على اغراقه اكثر فأكثر في اتون الحرب الخاسرة سلفا، رغم الضجيج عن الهجوم المعاكس، والرهان على إمكانية هزيمة او تراجع روسيا عن الدفاع المستميت عن مصالحها الاستراتيجية حتى لو ذهبت بالنهاية للحرب النووية.
Oalghoul@gmail.com