واشنطن «تُعيد تقييم» علاقاتها مع «إسرائيل».. أي دُعابة ثقيلة هذه؟

أخبار البلد- ما إن نُشِرتْ مقالة توماس فريدمان أحد أبرز مؤيدي إسرائيل والمروّج لأكذوبة الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط, والداعي بلا كلل إلى دمجها في المنطقة وخصوصاً المدافع عن روايتها التوراتية, في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (12 الجاري) مفجراً خبراً غير دقيق أو قل بالون اختبار, قائلاً أن إدارة بايدن بدأت «بالفعل» عملية إعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل, على خلفية الهجمات الحادة الأخيرة من قِبل الإدارة الأميركية, على لسان الرئيس بايدن, الذي قال لشبكة CNN الأميركية أنه «لم يَسبق له أن رأى حكومة متطرفة في إسرا?يل ومنذ حكومة غولدا مائير مثل الحكومة الحالية, لافتاً/فريدمان إلى إعلان غير معتاد من قبل البيت الأبيض ووزارة الخارجية «ضد إسرائيل» عبر دعوتِهما «تل أبيب إلى السماح بحق التظاهر ضد إضعاف القضاء.


تقول: منذ شاع محتوى مقالة فريدمان.. لم تترك حكومة الائتلاف الفاشي في دولة العدو كما وسائل الإعلام وخصوصاً المعارضة وزعيمها يئير لبيد والنجم الصاعد الذي ترشّحه استطلاعات الرأي لتشكيل الحكومة الجديدة (عند سقوط حكومة نتنياهو وحال جرت انتخابات مبكرة) وتقصد هنا غانتس زعيم حزب المعسكر الوطني, إذ يتحصل على مقاعد تفوق ما يحصل عليه الليكود في بعض الاستطلاعات، فيما تتحدث استطلاعات جديدة عن تقدم ليكود نتنياهو وإن كان سيفشل في تأمين أغلبية يمينية. معتبراً/غانتس أن «نتنياهو يقوم بتنفيذ «هجوم إرهابيّ استراتيجي على العلا?ات مع الولايات المتحدة».كما جُن جنون الثنائي الفاشي بن غفير وسموترتش على بايدن, وعبر الـCNN نفسها قائلاً لبايدن: لا تتدخّل.. إسرائيل ليست نجمة أخرى في العلم الأميركي.

وإذ كشف فريدمان عن رقم «خرافي» نحسب أنه أقل بكثير عن الرقم الحقيقي, مفاده أن الولايات المتحدة قدّمت لإسرائيل 146 مليار دولار, من المساعدات منذ الحرب العالمية الثانية (وإن كنا نعتقد أن الرقم الذي ذكره فريدمان أقل بكثير مما قدّمته وتقدمه فعلاً, سواء على شكل مساعدات نقدية أم خصوصاً عبر صفقات أسلحة ضخمة ومجانية, فضلاً عن تلك التي إبتزّتها حكومات العدو عند توقيعها اتفاقيات السلام بعد حرب أكتوبر ومؤتمر مدريد)، فإن فريدمان بتذكيره قادة إسرائيل بما قدمته واشنطن, إنما يستدعي الأمر منهم «إبداء المزيد من الاحترام للر?يس الأميركي», خصوصاً من جانب بن غفير الذي أدين في شبابه بالتحريض ضد العرب، كما كتب فريدمان مُتجاهلاً «حاضر» بن غفير العنصري ودعواته إلى إعدام الفلسطينيين والتنكيل بهم في السجون والمعتقلات وإلى استيطان كامل الضفة الغربية, وخصوصاً تهويد القدس.

وبصرف النّظر عما انطوت عليه مقالة فريدمان من عرض لطبيعة العلاقات التحالفية بين واشنطن وتل أبيب, وعدم دعوة بايدن نتنياهو لزيارة البيت الأبيض فيما يستعد رئيس الكيان الصهيوني/هيرتسوغ لإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي بمناسبة الذكرى الـ«75» لقيام الكيان العنصري الغاصب على أرض الشعب الفلسطيني, مُعتبراً/فريدمان أن زيارة هيرتسوغ هي «طريقة» بايدن للإشارة إلى أن مشكلته ليست مع الإسرائيليين, ولكن - يضيف - مع حكومتهم المتطرفة برئاسة نتنياهو», فإن ما يثير الريبة هو تجاهل فريدمان اللاحق مسارعة إدارة بايدن إلى نفي ما ر?ج له, بعد ساعات من نشر مقالته, بنفي متحدث الخارجية الأميركية الرسمي/ميلر رواية فريدمان, وقوله:"لا.. لم يكن هناك حديث عن اي نوع من إعادة التقييم الرسمية، حيث –أضافَ- تتشارك الولايات المتحدة وإسرائيل في روابط خاصة, كما أن التزامنا –استطردَ- الدائم بأمن إسرائيل هو أمر صارم».. وحول ما قاله فريدمان بشأن حل الدولتين وكيف حوّله نتنياهو إلى «خرافة» قال ميلر: إن «هذه كلماته وليست كلماتنا»..

هي إذاً زوبعة في فنجان أثارها فريدمان لأغراض وأهداف ما تزال مجهولة, اللهم إلا إذا أراد منح المزيد من الوقت لنتنياهو بالمضي في إقرار التعديلات القضائية وتكريس أمر واقع, عندها سيقول نتنياهو أن الأمور خرجت من يده. وأن لا رجعة عنها, تماماً كما كرّس الاستيطان وصادر الأراضي ودفن أوسلو، فيما واصلت واشنطن بثّ أسطوانتها المشروخة عن حل الدولتين, والاستيطان عقبة في طريق السلام وغيرها من المصطلحات والعبارات،التي لا ولم تقيم لها حكومات إسرائيل المتعاقبة أي وزن أو قيمة.

**استدراك:

* في اليوم الذي نُشرت فيه مقالة فريدمان (12 الجاري), أعلن جيش العدو الصهيوني عن بدء مناورات جوية مع الجيش الأميركي تشمل مهاجمة أهداف «عمق استراتيجية» ضمن سلسلة سنديان البازِلت (Juniper Oak) بين القوات الجوية الأميركية والإسرائيلية، مُضيفاً: «سيضمن التمرين عدة سيناريوهات منها مهاجمة أهداف «عمق استراتيجية وتحقيق التفوّق الجوي في الفضاء والدفاع السيبراني, ضد مجموعة متنوعة من التهديدات»..

* يوم الأربعاء الماضي شاركتْ كتيبة «أميركية» بشكل «غير عادي» وفق وصف (قناة i 24 الصهيونية) في مناورة مكثفة مع جيش العدو, حملت اسم «قبضة الضرب», تُحاكي حرباً مُحتملة مع حزب الله, على خلفية ضم العدو للجزء الشمالي (غير المُحتل سابقاً) من قرية الغجر اللبنانية المحتلة.

kharroub@jpf.com.jo