حقائق وأرقام ودلالات أمام المفكر والمخطط الاستراتيجي؟!

أخبار البلد- تابعت قبل أسابيع ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للسكان الذي ناقشه مع مجلس النواب تحت عنوان «الاردن ديمغرافيا- أحدث المؤشرات»، وقبل الحديث عن دلالات الأرقام على المدى المتوسط والمدى الطويل وربطها مع عناصر القوة الوطنية للدولة الاردنية، وتداعيات ذلك على التنمية المستدامة والأمن الاقتصادي والغذائي والاجتماعي، والأمن الفكري، لابد من وضع الحقائق والمعطيات التالية امام المخطط والمفكر الاستراتيجي الأردني:


ا. تبلغ مساحة المملكة الاردنية الهاشمية 92.300 كم٢، منها حوالي 329 كم٢ مياه، ومن المعروف ان المملكة مقسمة تنمويا إلى 3 آقاليم هي:

- إقليم الجنوب ويضم 4 محافظات (الكرك؛ الطفيلة، معان، العقبة) وتشكل مساحة هذا الإقليم 51% من مساحة المملكة ويقطنه 8% من سكان المملكة وهذا ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للسكان.. فلماذا هذا التباين بين المساحة والسكان؟. واين دور المخطط والمفكر الاستراتيجي الأردني... وهل إقليم الجنوب طارد للسكان والتنمية...؟. ولماذا؟.

ب. إقليم الوسط ويضم 4 محافظات هي: (مادبا، عمان، الزرقاء، السلط)، ويشكل هذا الإقليم 16% من مساحة المملكة ويقطنه اكثر من 70% من سكان المملكة، وهنا أيضا تباين بين المساحة والسكان فلماذا إقليم الوسط جاذب للسكان والاستثمارات والكثافة السكانية عالية جدا وخصوصا في عمان والزرقاء؟. واقليم الجنوب طارد للسكان والاستثمارات والكثافة السكانية قليلة جدا جدا؟. فأين دور مجالس المحافظات في المشاركة والتخطيط والتنسيق مع المخطط والمفكر الاستراتيجي من أجل التخفيف من معاناة إقليم الجنوب ومحافظات الاطراف، كما ينادي دوما جلالة ال?لك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه بنقل التنمية والاستثمارات من المركز إلى الاطراف لإعادة التوزان بين متطلبات التنمية المستدامة التي تعتبر حجر الأساس للأمن الوطني.

ج. إقليم الشمال والذي يضم 4 محافظات هي: (إربد، جرش، عجلون، المفرق)، ويشكل هذا الإقليم 33% من مساحة المملكة ويقطنة 22% من سكان وهذا مؤشر مريح على ان هناك توازن بين المساحة والسكان، كما ان هذا الإقليم يعتبر جاذبا للسكان والاستثمارات، مما يساعد على الاستقرار في موضوع التنمية المستدامة للحفاظ على المكتسبات والمنجزات الوطنية.

الرقم الذي استوقفني في تقرير المجلس الأعلى للسكان هو ان 92% من سكان المملكة يسكنون في الشمال الغربي من المملكة؟!. في حين أن 8% من سكان المملكة فقط يسكنون في اقليم الجنوب... الذي يشكل 51% من مساحة المملكة.. فلماذا هذا التباين؟.

فهل هناك وقفة مراجعة استراتيجية لمنظومة التخطيط الاستراتيجية ومنظومة السياسات والعمرانية والاستثمارية والاقتصادية على مستوى الحكومات المتعاقبة انطلاقا من توجيهات سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه الذي يوصل الليل والنهار وهو يدعو الى توزيع مكتسبات التنمية المستدامة على مساحة وجغرافية الوطن الغالي.

وتحدث تقرير المجلس الأعلى للسكان ايضا عن التوزيع الجغرافي للسكان، منوها إلى أنه غير متوازن وضار بالبيئة والاقتصاد الريفي والامن الغذائي ومكلف ماليا واداريا، وهذا ما أشرنا إليه من خلال الحقائق والمعطيات التي اشرنا إليها في بداية المقال مما يتطلب التوقف عند دلالات وتداعيات الأرقام على مؤشرات النمو الاقتصادي والتجاري في الاردن في المئوية الثانية من حياة الدولة الاردنية.

مؤشر آخر كشف عنه تقرير المجلس الأعلى للسكان أيضا هو أن ثلاثة ارباع السكان يسكنون في 3 محافظات هي عمان، اربد، والزرقاء، وتأتي محافظة المفرق في المرتبة الرابعة وهي المحافظة الاعلى في نسبة اللاجئين السوريين بين سكانها. وهذا يشكل ضغطا على خدمات البنية التحتية في هذه المحافظة ويرفع نسب البطالة والفقر..

خلاصة القول نجد أن عناصر القوة الوطنية للدول أصبحت مرتبطة بسلامة وثبات واستقرار التنمية المستدامة بابعادها الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والامنية والتنموية والسكانية والديمغرافية. وغيرها.. وهذا ما يجب أن يأخذه المفكر والمخطط الاستراتيجي والجيوسياسي بعين الاعتبار.