دفنوا أمواتهم وواصلوا المسير

أخبار البلد- استمرار سياسة الاستفراد التي تنتهجها أجهزة المستعمرة وجيشها في التعامل مع الفلسطينيين: يومي 3 و4 تموز جندت قدرات لواء من العسكر والمعدات المتطورة والطائرات المسيرة، في اقتحام مخيم جنين، بعملية غير مسبوقة بهذا الحجم، منذ عملية السور الواقي التي قادها شارون في شهر آذار 2002، حينما اجتاح المدن الفلسطينية وأعاد احتلالها، التي سبق وأن انحسرت عنها قوات الاحتلال على اثر اتفاق أوسلو التدريجي متعدد المراحل عام 1993، ورداً على مبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية، وتم قبولها و إطلاقها في قمة بيروت يوم 28 آذار 2002.


دمرت قوات المستعمرة جزءاً كبيراً من بيوت المخيم وشوارعه متعمدة، لإظهار «العين الحمرا» لطرفي المعادلة، لطرفي الصدام والصراع، للفلسطينيين كما للإسرائيليين : للاستدلال على أنهم حكومة مميزة قادرة متمكنة، تتصرف على أن أرض الضفة الفلسطينية هي يهودا والسامرة، أي جزءاً من خارطة المستعمرة، ولا أمل مُرتجى، ولا مجال لتغيير صفتها، والعمل على جعلها طاردة لأهلها وشعبها لصالح المستوطنين المستعمرين الأجانب، وكتلهم الحزبية البرلمانية المتطرفة سياسياً ودينياً، بهدف إلغاء اي رهان لقيام دولة فلسطينية وفق حل الدولتين، أي أن همجية حملتها ضد المخيم رسالة للطرفين، لطمأنة الاسرائيليين و بث الرعب للفلسطينيين.

شهداء مخيم جنين، أكبرهم محمد مهند الشامي وله 23 عاماً، وأصغرهم مجدي يونس عرعراوي وله 17 عاماً، وأكثر من 120 جريحاً، و20 منهم إصابات خطيرة، بما يؤكد أن القتل والتدمير وبث الرعب والخراب، سياسة منهجية متعمدة لسلوك وأداء وإجراءات جيش الاحتلال وأجهزته.

يوم الجمعة صباح 7 تموز تم اقتحام مدينة نابلس من قبل قوات الاحتلال، أدى الى استشهاد شابين وعدة إصابات وتدمير ممتلكات، وهكذا تتواصل المواجهة بين أطراف المشروعين المتصادمين منذ عشرات السنين، بشكل متقطع متصل بمظاهر وأدوات وأحداث متفرقة بين: 1- المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، 2- وفي مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي العبري الإسرائيلي اليهودي الصهيوني.

أمهات الفلسطينيين ولادة، معطاءة، منجبة، لا تبخل بالولادة، مصحوبة بالوعي، والاستعداد للتضحية، مغمسة بماء الورد والفرح والأمل أن المستقبل، أن الغد، أن الإشراق سيكون لشعب فلسطين وأهلها العرب : من المسلمين والمسيحيين والدروز، وبعض من اليهود الكارهين الرافضين المعادين للاستعمار والاحتلال والصهيونية لأراضي فلسطين.

سلطة الاحتلال تسعى عبر عملياتها المتقطعة التدريجية، وممارسة سياسة الاستفراد للمدن والفصائل والمواقع والأحياء تحقيق غرضين يسهما في تعزيز أمنها واستمرارية احتلالها وبرنامجها التوسعي:

أولاً تصفية وقتل المقاومين ومنع تمددهم والحيلولة دون أن يكون لهم نفوذ وحضور وسلطة، وهذا ما يُفسر عمليات القتل والتصفية للشباب وهم في بداية تطوعهم الكفاحي والانخراط في العمل المقاوم.

أما الثاني فهو تجفيف الحاضنة الاجتماعية الإنسانية الولادة من أمهات المقاومين، وجعلهم في حال الخصومة للعمل المقاوم طالما أن أولادهم يتعرضون للقتل وهم شباب، وبيوتهم للنسف والتدمير، وإرباك حياتهم واستقرارهم بعد تفجير البيت، على أثر جهد أولادهم ومقاومتهم ضد الاحتلال ومظاهر المستعمرة.