يا رب ... الى من تكلنا ؟

... فرطت لجان التحقق النيابية التي كانت تبحث في قضايا الفساد العظمى ، وفرطت معها إرادة مجلس كان ملطخ أصلا ب وصمة عار ال 111 ، كانت الناس تطالب بحل المجلس ، فيخرج علينا البعض ممن يتشدقون امام المحطات الفضائية بالقول ان من يطالب بحل المجلس لايريد للمجلس ان يأخذ دوره في ملاحقة وكشف قضايا الفساد ! لنكتشف انهم مخادعون لا يليق بهم المكان ولا الالقاب ، ويطالبون برواتب ومكافأت مجزية على ما انجزوه للأمة من تفريط لا يقل عن تفريط البعض في بيع الاوطان ! عشرات الالاف ُدفعت لبعض النواب لكسب أصواتهم في انتخابات الرئاسة ! صورة المجلس لم تهتز فحسب ، بل اهتزت ثقة المواطن بنظامه وبرلمانه وحكوماته ومؤسساته كافة ، كنا نحلم أن نكون الأنموذج في الإقليم ، قدمنا لمن حولنا نماذج من " العهر " والفساد والمحسوبية والشللية وبيع الثروات ونهب الأوطان وتكريم الفاسد وملاحقة النقي النظيف ، قوى وأحزاب كانت تحارب الشياطين وتكفرها من دول الغرب ، وباتت تلاقيها وتحاورها وتستقوي بها ضد شعبها ! فماذا تبقى في البلاد من رجال حتى نضع ثقتنا بهم ونوكل اليهم الأمر ، من ندعو داخل حدود الوطن من رجال نناجيهم ونستغيث بهم ، ليكشفوا الغم ويزيلوا الهمّ ! من لهذا الوطن ، ومن لشعبه يالله !
فرطت لجان التحقق ، وفرط معها عقد الثقة بمجلس نواب الأمة !! ليسوا بواحد أو إثنان ، بل عشرات إما أنهم باعوا ضمائرهم لفاسد خشية أن تنزلق أقدامهم مع المنزلقين في الفساد ، أو هي تأثير سطوة الأمن والخوف والخشية من نهاية حياتهم السياسية والإجتماعية ! جاء الكثير منهم زورا وبهتانا ، فقبلنا المعادلة على مضض ، وقبلنا ان يُمنح سمير للرفاعي بطل كابيتال دبي وبلاويها 111 صوتا رغم ما قيل بحقه وأشيع ، وقبلنا ان يقدم المجلس أكباش فداء في محرقة الكازينو ويمنح البعض الاخر وسام البرائة و البطولة، وقبلنا ان ُيمنح الخصاونه ثقة، إعتقادا منا أنه القاضي العادل ، فخاب الظن به ، وزورا له !ستفتاء ودراسات النخبة ليقال أنه يحظى بالتقدير ، بالرغم من تعدد الأزمات التي صنعها ، فخربت البلاد وأرهقت العباد .
لم يعد احد يجهل اين يكمن الفساد ، ولم يعد يخفى على أحد ما يجري ، وإن سألت طفل السادسة لأشار اليه بكل يسر ! نهب وسمسرة وبيع أوطان ، تحالف التجار والحكومات أرهق الناس واتعبها ، مصاهرات تجارية هدفها المنفعة لا المودة والحب ! إعتقالات حسب الاهواء ، وتصفية حسابات قائمة بلا هوادة ، مشهد مسرحي دراماتيكي يجري على خشبة النظام ، والشعب شاهد ، لكنه يهزأ ولا يصفق لاي إنجاز ، والخزينه لم تعد تحتمل زيادة رواتب المعلمين ! لم نعد نؤمن ان في الحكومة رجال صدق ، يطل علينا أحدهم ويطالبنا بطرح قضية علاوات المعلمين عبر الفيس بوك ! وتستعين الحكومة برجال مع لحى ملونة مخضبة بلون الدم ، كاذبة مخادعة متبدلة المبادىء ومتقلبة يقدمون فتاوى بتحريم الإضراب ، تجييش ما بعده تجييش ضد اصحاب المظالم ، فأين حرمة من فرّط لجان التحقيق النيابية ، وأعادنا الى ما قبل عامين ونيف !! وأين حرمة تكريم الفاسد وملاحقة النقي المنتمي ! وهناك أقاويل وبضع شهود أن كل ما بيع و" ُخصخص " كان على أوراق بيضاء ، كأننا وإياهم نرتبط بعقد نكاح المتعة لاغير ، يلهون بنا لسويعات ، ومن ثم يرموننا في العراء حتى دون اجر نستحقه .
لمصلحة من فرطت لجان التحقق النيابية ! ومن المستفيد الأول منها ! ولو كانت الصفقة هي إسترداد المال الذي ُنهب ، والمؤسسات التي بيعت ، لقلنا عفا الله ، أما أن يُترك الفاسد حرا طليقا بكل ما سرق ونهب وباع ، فذلك لايحدث إلا في الاردن . وعلى يد حكومة وقضاء وتشريع ! فماذا تبقى للناس يارب !
يبدو أن للوطن وللشعب مكرمة من عند الله أن يحفظهما ، بالرغم مما جرى ويجري ، فحتى البحر ينضب ، والجبال تذوب بفعل الريح والمطر ، وكم من رياح وأمطار اجتاحت هذا الوطن ولازال صامد ، ورغم الأهوال والفساد ، ورغم الشللية والمحسوبية وبيع الوطن بالقطعة ، فلا زالت البركة حاضرة ، ليس من أجل أحد ، بل لعلها من أجل رضيع أو شيخ يذكر الله ويدعو ، ولكنني أخشى أن الله قد أمهلنا الكثير ، وبتنا قاب قوسين أو أدنى من نهاية قرية آمنة مطمئنة ، سيضرب التاريخ بها مثلا ، يأتيها رزقها رغدا من كل مكان ، فكفرت بانعم الله ،فأذاقها اللهُ لباس الجوع والخوف . وها نحن نذوق في عهد هذه الحكومات لباس الجوع لأغلبية الناس ، والخوف من مصير ومستقبل مجهول ، ليس لذنب ارتكبناه ، بل لصمتنا حيال ما يرتكبه البعض ، لأننا بتنا شياطين خُرس ، نراقب شعبنا يأكل " الضريع "ونحن صامتون .