الإصلاح رغبة لا إرادة

‏ كل من يحارب النجاح يقول أن الوصول إلى القمة ليس مستحيلا، ولكن البقاء في ‏القمة هو النجاح، فمن يستطيع أن يحافظ على مكانه في القمة بعد وصوله بأي وسيلة ‏هو الناجح.‏
‏ ونحن في هذا الزمان نجد أن كل من وصل إلى القمة لم ينزل ولم يتراجع أبدا، ‏فكنا على ضوء أن الناجح من يبقى في القمة نعد كل من لم يعد ناجحا، إلى أن غشي ‏ثوب الربيع العربي مرابعنا، فاكتشفنا أن أعلى قممنا فوهة بركان، من يصعد إليها ‏يقع فيها، فيحترق وتنقطع أخباره، ومن غفلتنا كنا نضنه ناجحا، فالنار لا يقع فيها ‏سوي قويم عاقل يخاف ربه في السر والعلن، وإن ترصد له المترصدون، أو مكر به ‏الماكرون.‏
‏ فالسادات اليوم يتهاوون في السجون، ومن بقي منهم ولم يلبس البذلة الزرقاء، ‏وتحصنه الحصون، نقول له مالك من ركوب المصفحة مهرب، ولا من المبيت في ‏المهجع بد، فإن تخلى مجلس النواب عن كشف فسادك، أو أمهلك مدعي عام عمان ‏حتى تغلي مياهك، أو تجاهلتك مكافحة الفساد قليلا، فالشعب الذي قرر رؤيتك خلف ‏القضبان، عازم على محاكمتك.‏
‏ محكمة الحراك الشعبي ستنعقد، وسيكون الشعب القاضي، وكل موظف يعلم ‏معلومة تدينك، سيكون مدعي عام لهذه المحكمة، وستكون أفعالك وقراراتك شهود ‏الإثبات عليك، ولن تنعقد محاكمتك بلا محام دفاع عنك، فالصحافة الصفراء التي ‏تجيشها، ستدافع عنك، ولكن لا تنسى أن كثيرا من الأقنعة سقطت.‏
‏ والبشرى للشعب الواعي، إن مشاكلكم أخذت تنحى منحا آخر، فلا ذكر ( لباسم ‏ورباب ) في كتب الطلبة، استبدلناها ( بسقط العصفور عن الشجرة )، وتركنا التعليم ‏وساعته، حتى صارت مدارسنا ساحات للإضراب، وميدان يهان به التلميذ ووالده.‏
‏ فاليوم نقول عزمنا على الإصلاح، وغدا نقول بس والله أبو فلان ابن حلال ما ‏يسويها، معقول تصدق أن فلان حرامي، ولا تصدق أن فلان يطمع بالحصول على ‏كم دونم ارض، ولا مصدق أن فلان يوقع وهو مغمض، ولا معقول تصدق أن فلان ‏قلم يكتب وماله قرار، ولا مصدق أن فلان من جماعة الماسون، ولا تصدق أن كاتب ‏المقال غلطان.‏
‏ بعد كل هذا أجد أن النجاح ليس الوصول إلى القمة، وإنما النجاح يكون بتكرار ‏المحاولة للوصول إلى القمة، من غير أن يصل، لأن من وصل انتهى، والناجح لا ‏ينتهي.‏
kayedrkibat@gmail.com