سياسة المستعمرة في الاستفراد

أخبار البلد- 

كما قلت وحذرت من سياسة المستعمرة في الاستفراد بالمدن والفصائل كل منها وحدها، ها هي تجربة جنين ومخيمها خلال يومي 3 و4 تموز 2023، دلالة أكيدة صارخة التي تستوجب من قبل قيادات الفصائل، إذا كان لديهم قيادات بمستوى ما هو مطلوب، أن تضع خططها وبرامجها، القادرة من خلالها على إحباط مخططات المستعمرة وهجماتها الاستفرادية.

حملة تضامن عينية بادرت لها نابلس وشبابها لجمع ما يحتاجه أهل المخيم، تعبيراً عن الشراكة والتضامن، ووقفات احتجاجية في أكثر من مدينة، وهي مظاهر تستحق التوقف لأنها غير كافية على الصعيد الكفاحي، حيث ما يجب القيام به، تحركات شعبية داعمة مساندة كما فعلت أغلبية المدن الفلسطينية في استجابتها للاضراب والإغلاقات كمظاهر احتجاجية على تطاول أدوات وجيش وأجهزة المستعمرة على كرامات أهل المخيم، من تجويع وتدمير وقتل وخراب.

معارك المواجهة الفلسطينية ضد الاحتلال والمستعمرة، ستتواصل بشكل متقطع، حتى ترتقي أفعال المقاومة والاحتجاجات لتشمل الكل الفلسطيني، يومياً بلا قطيعة، من كافة المدن والقرى والمخيمات، حتى تتحول إلى ثورة شعبية تهدف إلى زوال الاحتلال وهزيمة المستعمرة.

فعل العمل المسلح ضد الاحتلال، محدود، لمحدودية الإمكانات التسليحية المتاحة، ومحدودية المنخرطين المتطوعين المنظمين، رغم توفر استعدادات عالية للتضحية، ولكن المطلوب احتجاجات شعبية واسعة بمشاركة رجالية نسائية، من كافة الشرائح والمواقع، وبدون الحاجة لإمكانات تعجيزية من تسليح وتدريب وغيرها، فالاحتجاجات الشعبية لا تحتاج إلا إلى تنظيم وإدارة وعقلية مستنيرة وتناغم بين الفصائل وبين الجمهور الذي يشكل من نفسه حاضنة وإدارة وتأدية فعل.

أخطر ما تحقق إضافة إلى عمليات التصفية الإجرامية من قبل قوات المستعمرة للشباب الفتيان أغلبهم دون 18 عاماً، هو الأخطر في عملية إخراج ثلاثة آلاف فلسطيني من أهل المخيم من بيوتهم، لأنها قد تكون تجربة تفعلها بخبث أدوات المستعمرة الأمنية، لتعمل على تطبيقها في أماكن أخرى، فالأهم بالنسبة للمستعمرة هو العامل السكاني الديمغرافي، حيث فشلت مخططات المستعمرة لترحيل وتشريد كل الشعب الفلسطيني من وطنه وبقي نصفه صامداً ثابتاً متشبثاً في منطقتي الاحتلال الأولى عام 1948 والثانية عام 1967، والنصف الآخر مهاجراً مشرداً إلى مخيمات اللجوء والحسرة خارج فلسطين في لبنان وسوريا والأردن.

القيادات الفلسطينية بحاجة أن تنتصر على نفسها قبل أن تفكر بالانتصار على عدوها، وذلك عبر الارتقاء لمستوى نكران الذات وتجاوز المصالح الحزبية الأنانية الضيقة، والانتصار على الانقسام، لصالح الوحدة الوطنية ضد العدو الواحد المعادي للجميع.