ضد تولي المرأة منصب رئيس وزراء!

أخبار البلد- لست مع المطالبة أو التمني بوصول المرأة الاردنية إلى منصب رئيسة وزراء أو رئيسة لإحدى غرفتي التشريع الآن، وموقفي هذا لا ينبع من عدم قناعتي بقدرة الأردنيات على تحمل مسؤوليات هذا المنصب، ولكن لدي أسبابي، التي أراها منطقية، ولكنها قد لا تعجب من يعتقد أن تقدم المرأة في الحياة العامة ينبغي ألا يرتبط بتطور النظرة المجتمعية لمكانة المرأة ودورها بشتى مناحي الحياة، وعلينا أن نمارس أسلوب الصدمة، التي قد تفلح بإحداث قفزة كبيرة في حجم المشاركة السياسية لنصف المجتمع.

مع التقدير لهذا الرأي، إلا أنني أجد أنه من غير المنطقي أن تصبح الأردنية رئيسة وزراء، وما زالت مساهمتها في سوق العمل من أدنى النسب في الشرق الاوسط (١٤٪)، وكذلك الحال لنسبة مشاركتها السياسية المحدودة، حيث لا يتجاوز تمثيل النساء في مجلس النواب 16 نائبة من أصل 130 نائبا.

وقد يقول قائل إن وجودها بالمناصب العليا كرئيسة وزراء سيساهم في تحسين الوضع التشريعي لها، وسيساعد باتخاذ قرارات وممارسات ستؤدي إلى تخطي المعوقات ومواجهة التحديات التي تقف بوجه تقدم المرأة.

وهنا أقول إن التجارب السابقة لنساء شغلن مناصب قيادية ليست إيجابية بهذا الصدد، فنادراً ما تبنت النساء في السلطتين التشريعية والتنفيذية قضايا حقوق المرأة، بل إن بعض عضوات مجالس نيابية متعاقبة كان لهن الدور السلبي في هذا الصدد، ووقفن في خندق مناهضة حقوق المرأة.

إن كنا بحق نريد للنساء الأردنيات التقدم في المناصب وأن ترتفع نسبة مساهمتهن السياسية والاقتصادية، علينا استثمار اللحظة التاريخية الراهنة، والدفع باتجاه استغلال المناخ العام الداعم لتوسيع مشاركة المرأة، وهنا أود الاقتباس مما قاله جلالة الملك عبدالله الثاني بلقائه مع القطاع النسائي العام الماضي، عندما حث جلالته المرأة على المشاركة الفاعلة في جهود الإصلاح السياسي، قائلا: «لا تهبن المشاركة وتقدمن إلى الأمام».

وبالطبع من الضروري العمل من خلال القطاع النسائي والإعلام على إفراز نساء تحت قبة البرلمان، مؤمنات بقضية المرأة وقادرات على دعم تعزيز دورها في مناحي الحياة العامة.

فالبيئة التشريعية مواتية وتدعم المرأة، كقانون الأحزاب الحالي الذي يشترط أن يكون ما لا يقل عن 20% من الأعضاء المؤسسين لكل حزب من النساء، مما يوسع قاعدة الحزب النسائية.

فضلا عن أن قانون الانتخاب الجديد أعطى نسبة 30٪ من مقاعد مجلس النواب للقوائم الحزبية في نظام القائمة الوطنية المغلقة، وأوجب أن تصنف امرأة واحدة على الأقل ضمن المرشحين الثلاثة الأوائل، وهذا من شأنه أن يزيد عدد النساء في البرلمان، خصوصا وأن القانون لا يزال ينص على الكوتا النسائية بواقع 18 مقعداً.

بالمقابل أمام القطاع النسائي عمل شاق، فعليه العمل من اللحظة تجاه تعزيز قدرات نساء وشابات يخططن لخوض غمار المعركة الانتخابية المزمع عقدها في صيف أو خريف العام المقبل، بحيث تعزز مهاراتهن القيادية وقدرتهن على التعامل مع واقع النساء الاقتصادي والسياسي، ويتبنين حقوق المرأة في مختلف المجالات.

عندها قد يتم افراز ممثلات في السلطة التشريعية قادرات على طرح حلول تساعد بتحسين تصنيف الأردن دوليا على مقياس المساواة بين الجنسين، ويعزز من مساهمة المرأة في الحياة العامة، وفي تلك الحالة يصبح هناك فرصة للنساء بتولي منصب رئيسة وزراء.

فالأساس ليس وصول المرأة كعدد إلى مناصب عليا، ولكن وصول نوعية من النساء بؤمن بحقوق المرأة وتعمل على تحقيقها، كي لا يتحول عدد النساء أو المناصب التي يتقلدنها مجرد ديكور غير مؤثر في صلب المشهد الأردني، فالمرأة الأردنية قادرة على إحداث تغيير حقيقي نحتاجه اليوم، ولنتذكر جميعاً، المرأة الأردنية تستطيع فهي تستحق.