التعليم في الأردن بين ألمانيا والصين

أخبار البلد-

 

وقعت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان، ومدير مكتب بنك الإعمار الألماني في عمان مارك شفيتيه، اتفاقية قرض ميسر مقدم من الحكومة الألمانية بقيمة 50 مليون يورو، لتمويل المرحلة الثانية من برنامج "دعم قطاع التعليم في الأردن"، بحضور القائم بأعمال السفارة الألمانية في عمان الدكتور فلوريان راينديل.

القرض بحسب بيان وزارة التخطيط جزء من تمويل إجمالي ميسر التزمت الحكومة الألمانية بتقديمه لدعم قطاع التعليم في الأردن، بقيمة 100 مليون يورو، حيث تم توقيع اتفاقية المرحلة الأولى من هذا البرنامج عام 2021 بقيمة مماثلة بلغت 50 مليون يورو، والتي ساهمت في تحسين البيئة التعليمية في المملكة.. إعلان تزامن لأجل الصدفة مع جدل حول دور المركز الوطني لتطوير التعليم حينها في العام 2021.

الغريب أن التوقيع لأجل الصدفة مرة أخرى، جاء بعد أيام قليلة من إلغاء عضوية مفتي المملكة ونقيب المعلمين الأردنيين من المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج؛ فهل هناك صلة بين الأمرين؟ أم أنها مجرد مصادفات؟

لا يوجد في هذا العالم شيء مجاني، خصوصا من حضارة امتازت بالمادية المفرطة لدرجة تحولت إلى مرض عضال وقاتل في أوروبا؛ فأوروبا تعيش اليوم حالة انحطاط أخلاقي وإنساني مقلقة؛ تجعل من التعامل معها وقبول مساعداتها مثار قلق شديد وريبة.. ألم يكن بالإمكان الاستغناء عن التمويل الألماني واستبداله بآخر صيني، خصوصا أن الصين ليس لديها أجندة اجتماعية لتفرضها على العالم، كما يمكن استبداله بقرض قطري أو كويتي.

الغرب يتهم الصين بأنها أغرقت إفريقيا وآسيا بالقروض، ولكن أوروبا تهدد بإغراق العالم في مستنقع الانحطاط الاخلاقي والشذوذ، وتربط مساعداتها ببرامج مريبة ومثيرة للقلق؛ فأوروبا وألمانيا بشكل خاص تبذل الغالي والنفيس للتسويق لقيمها وبرامجها الاجتماعية، وعلى رأسها الجندرة والشذوذ، بل إن برلين في صدارة المعركة في أوروبا، فلماذا نثق بهم؟

ألمانيا تخوض معركة مع أبناء اللاجئين والمهاجرين إليها من الطبقة العاملة المسحوقة.. هذا ما فضحته الصور التي نشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي؛ يظهر فيها ما يمكن تسميته انتزاع طفل بطريقة وحشية من أسرته من قبل الشرطة الألمانية لإخضاعة لبرامج إعادة تأهيل، عادة ما تنتهي بتسليم الأطفال لأسر من الشواذ (المثليين) فيما يشبه عملية تعقيم و(إخصاء) تذكر بما كانت تفعله الدولة العثمانية في أوروبا عندما كانت تنتزع أبناءهم وتحولهم، ولأجل المصادفة إلى (جندرمة انكشارية - جنود خصيان).

نعم ألمانيا تعد دولة مانحة، ولعل معهد البولتيكنيك الذي يعود إلى سبعينات القرن الماضي من أشهر المنح وأكثرها نجاحا في الاردن؛ ولكن أوروبا اليوم تعاني من حالة من الانحطاط والتغول والاستنفار المتوحش لفرض أجندتها الاجتماعية التي تمتاز بالانحطاط المرفق بقدر كبير من الاستبداد داخل أوروبا وخارجها بقوة القانون والشرطة والتمويل.

ألم يكن بالإمكان البحث عن شركاء بعيدا عن أوروبا وأمريكا في ظل حالة الانحطاط والانهيار الاخلاقي، المرفقة بانعدام ثقة تاريخي بين عالمنا العربي وبين الغرب؟ ألم يكن من الأفضل أن نطلب العلم في الصين بدل أن نطلبه في برلين، فالحديث رغم أن إسناده ضعيف؛ إلا أنه من الاحاديث المشهورة التي يمكن الاستئناس بها.

لماذا نجعل من أنفسنا ضحية للانتقام الغربي من الدولة العثمانية؟ ولماذا نضع أنفسنا على الحافة مع أناس لا نثق بهم؟

القلق مشروع، والبحث عن شركاء بعيدا عن أوروبا أمر ممكن ومتيسر، فالعالم أصبح أكثر تعددية وتنوعاً مما كان عليه قبل 25 عاما ماضية، ولا داعي لأن نجعل أنفسنا ضحية للأجندة الأوروبية والأمريكية المهووسة بالجندرة، والتي تسعى للتسلل إلى حياتنا ونظمنا الاجتماعية، فهناك الصين، ورغم الانتقادات الموجهة لها ولقروضها؛ إلا أنها أفضل بكثير من قروض تنتهي بالجندرة، أو بإثارة الفوضى وانعدام الثقة، وتعميق الفجوة بين الدول ومواطنيها.

حان الوقت لأن نطلب العلم في الصين مجدداً، بعيداً عن الهوس الأوروبي بالشذوذ والجندرة، فقلقنا مشروع، وله ما يبرره في الحاضر،وفيالماضي.