" أبو صابر قاليلو "
مر أسبوع كامل ولم يظهر له أثر ، وما زال مكانه على عتبة المنزل خاليا ، صحيح بأني نعمت في هذا الأسبوع براحة بال متناهية ، فلا أحد يستوقفني للسؤال " وين رايح ومن وين جاي " ، " وشو هاظ اللي حامله " ، ولكني شعرت بالقلق عليه وافتقدته وافتقدت تعليقاته التي اعتدت عليها كما اعتدت على وجوده ، حتى صار طقسا من طقوسي .
لذا عزمت الذهاب والسؤال والاستفسار عن حاله .
طرقت الباب فخرج الي "حموده" وهو " يفغم " حبة تفاح وقال : " شو بدك " ؟
قلت له : وين أبوك ؟
فدار ظهره الي وهو يقول : " هيو في المخزن فوتله " .
دخلت والقيت السلام على أبو صابر بكل ما اؤتيت من قوة ، لكنه لم يعيرني أي انتباه .
قلتها بشكل آخر " كيفك حجي " . فلم يعر السؤال أي اعتبار .
بدت على الرجل معالم التفحص والتفقد ، بينما ألتمت على طاولته ، مئات النظارات المختلفة الاحجام والاشكال والقياسات ، وثلاثة مجاهر واحد منها ألكتروني ، وخمسة تلسكوبات ، اضافة الى العديد من العدسات المحدبة والمقعرة .
حاولت ان اعيد السلام ، وحاولت أن أسأله " شو في " " شو مالك .
وما كان منه الا أن يكتفي برفع يديه مشيرا علي بالصمت مرة ، وبالصبر مرة اخرى وبالانتظار .
بعد ساعتين قضاهما أبو صابر في لبس وخلع نظارة تلو النظارة ، والتنقل ما بين المجاهر والتلسكوبات والعدسات ، تأفف الرجل وتنهد ، ثم قال وهو يحدث نفسه "مو مبين اشي" .
سألته : خير شو في ، شو هو اللي مش مبين " .
أجابني وهو شارد الذهن : صار لي أسبوع كامل على حطة ايدك ، اني أشوف آخرية هالأوضاع .... لكن مو مبين اشي معي .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com