انتفاضة المعلمين وسقوط الدولة الأمنية



بادئ ذي بدء أود أن أحي باسمي شخصيا وكل شرفاء الوطن ودعاة الحرية والعدالة ، انتفاضة المعلمين التي أسبابها لم تكن لمجرد المطالبة بالحقوق المادية التي طالما أهملت حتى أصبح المعلم صاحب الرسالة في الحد ألأدنى لسلم الأجور في الدولة الأردنية ، وسكتنا عن ذلك طويلا ولم تكن انتفاضة المعلمين عفوية أو جاءت مع الربيع العربي الذي كان الشعب الأردني وهذه حقيقة ، أول الشعوب المنتفضة على حكومات الفساد والاستبداد قبل ما يسمى بالربيع العربي الذي أعظم ما فيه رغم المؤامرات والدسائس وخلط الأوراق أنه لا عودة للوراء فقد انتفض الشعب الأردني في 17 من نيسان عام 1989م ، وجرى احتواء انتفاضته بوعود براقة وكاذبة بالإصلاحات التي لم تكن في حقيقتها إلا شكلية .
وللأسف اليوم تحاول الدولة الأمنية وخاصة أحد الأجهزة الذي لم يصله حتى الآن عجلة الإصلاح ولا يزال يصّور نفسه فوق الدولة والقانون ، حتى بعد أن فاحت رائحته القذرة بغسيل الأموال واحتجاز أحد رؤساءه حتى قبل الربيع العربي ، وللأسف كان حجزه ضحكا على الذقون بفندق خمسة نجوم في العقبة وصولا لمن يحاكم اليوم أمام القضاء وهو لا يستحق حتى ذكر اسمه ، وقد عودتنا أخلاقنا العربية والإسلامية أن الضرب بالميت حرام ، ونحن بانتظار ثورة بيضاء شعبية ضد كل رموز الفساد والاستبداد وإعادة ما نهبه الحيتان والقطط السمان من أراضي الوطن وبيع مؤسساته ،ونحن باختصار بحاجة لإصلاح جذري حقيقي ولم تعد المساحيق التي يستخدمها النظام تنطلي على أحد .

انتفاضة المعلمين واعتصامهم ليس مجرد مطالب بحقوق مادية ولكن الأهم من ذلك الثورة على الفساد والاستبداد وما وصل إليه حال المعلم الذي وصفه الشاعر بأنه ((كاد أن يكون رسولا )) وأضاف أحد الفلاسفة الألمان ( أنه رمز التغير بكل المجتمعات الإنسانية وحسب المرحلة والظروف لكل جيل) هذا المعلم الذي كان إهماله أكبر خيانة لله ثم الوطن وللأجيال التي سيخرجها هذا المعلم ، وسؤالي ؟؟ ألم يهتز ضمير أصحاب القرار في وطني عندما اتصل أحد الطلاب مع محطة إعلامية وقال أن الأستاذ طلب منه نصف دينار لكي يصل لبيته ، ماذا يعني ذلك ولا أريد أن يزاود علينا بالوطنية المضروبة خاصة من كتّاب الأجهزة والحكومات الفاسدة الذين خانوا أمانة الكلمة وجمّلوا ألأشياء القبيحة ، على هؤلاء أن يخجلوا من أنفسهم ومن أمانة الكلمة ، حقوق المعلمين يجب أن تكون خط أحمر ولا يحق لأحد الاقتراب منها ، وعيب وعار أن نسمع من المسئولين مصطلحات وتبريرات مثل (( لا يوجد فلوس ، والحكومة من أين تأتي بكل تلك المطالب )) نقول لهؤلاء بلاش من مجالس المشيخة مثل الأعيان وحتى زيادة الكوتات في مجلس النواب التي أصبحت شيخة ووجاهة وليس خدمة وطن ، مجلس النواب الذي لم يتحرك لمطالب المعلمين وهو بقوانينه وأنظمته الحالية يعتبر جثة تنتظر أجر الدفن بعد أن أصبح مجلس جماعة الأعمال وليس الرجال لأن الرجولة موقف وتحالفت السلطة التنفيذية مع مؤسسة الفساد لتفرز ما نرى من مجالس نواب هزيلة حتى أن أحد مدراء جهاز فاسد قال (( إن أسماء النواب في جيبي قبل إجراء الانتخابات )) فهل مثل هذه المجالس تستطيع التشريع وسن القوانين لشعب ينتظر الإصلاح .

هذه هي ديمقراطية النظام وحكوماته الفاسدة التي يتغنى بها الفاسدين والقابضين على حساب الوطن وكرامة أبناءه ، ولذلك نطالب كل مؤسسات المجتمع المدني بدعم انتفاضة المعلمين الشجاعة وإعطاءهم كل حقوقهم المادية وتأمين المعلمين في كل الوطن بكل إمكانيات الراحة ليتمكنوا من العطاء وتخريج أجيال منتمية لتراب هذا الوطن وحقوقهم ليس منّة من أحد مثل البدلات لمن هم خارج المحافظات وسكن مريح أما مطالبهم المطروحة فهي أبسط حقوقهم التي لا تقبل التأخير والجدل وكما أنها ليست منّة من أحد كما أسلفت .
وأخيرا نطالب بإعطاء المعلمين كل حقوقهم ، نعم إن انتفاضة المعلمين هي انتفاضة وطن يجري اغتياله بوضح النهار بمحاولة تفريغه من أهم الركائز الداعية للمواطنة وهي التعليم لأن المعلم الذي لم يحصل على حقوقه لن يتمكن من تأدية رسالته بالشكل الكامل ولعل جريمة الحكومات السابقة كانت إهمال حقوق المعلمين الذين هم رسل العلم والمعرفة والتنوير في كل المجتمعات الإنسانية ، وتحية تقدير واحترام لنقابة المعلمين التي جاءت نتيجة نضالهم الطويل وشكر وتقدير لرموز الانتفاضة الوطنية التي هي من أجل كل الأجيال ، ولا عزاء للصامتين .
عبد الهادي الراجح
alrajeh66@yahoo.com