عودة اللاجئين مهمة كما استقبالهم
أخبار البلد - الأردن، لبنان وتركيا، من أكثر الدول التي عانت بسبب الازمة السورية الداخلية لتستقبل منذ العام 2011 ملايين اللاجئين، والمقصود بالمعاناة هنا هي تلك الأزمات الاقتصادية التي تسببت بها الأعداد المتزايدة في بداية الازمة وكلف الاستضافة المباشرة وغير المباشرة، لتفرض هذه المسألة تحديات كبيرة جدا على هذه الدولة فمن جانب لم تتخل عن انسانيتها، ومن جانب اخر فرضت الجغرافيا والجوار نفسها على الفارين من الحرب في سوريا للجوء إلى هذه الدول، وصولا إلى التحديات التي فرضتها الازمة على المستوى السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي، في ظل قسوة الظرف الاقتصادي في الاردن ولبنان بشكل خاص.
الأردن لم يتخلّ عن جواره السوري، فقدم له ومنذ بداية الازمة كافة ما يلزم دون منّة بل احيانا كثيرة على حساب خزينته وبنيته التحتية وغير ذلك الكثير وعلى مرأى من دول العالم خاصة المانحين الذين بالرغم من معرفتهم بواقع الحال ومؤتمراتهم التي عقدت لدعم الدول المستضيفة، إلا ان استجابتهم كانت تتراجع عاما بعد الاخر، وهي بالمناسبة ارقام واحصائيات متوفرة على موقع وزارة التخطيط والتعاون الدولي.
الآن الأردن كان مساهما فاعلا في عودة سوريا إلى محيطها العربي، وكان أحد اللاعبين الرئيسيين في اعادة العلاقات مع الكثير من الدول التي قطعت اتصالاتها مع دمشق خلال أكثر من عقد، علما بأن عمان لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية من الجارة سوريا.
الآن تأتي مسألة عودة اللاجئين، وهي ليست اقل اهمية او تكلفة انسانية واخلاقية ومادية من استضافتهم، خاصة بعد بدء الانفتاح مجددا على دمشق ورغبة الكثير من اللاجئين السوريين للعودة، لكن بشكل آمن، ليأتي المقترح الاردني بإنشاء صندوق لتوفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين السوريين، إلا ان الفرق الحاجة لتضافر دولي حقيقي فلا عمان ولا بيروت ولا حتى انقرة ممكن ان تتحمل على عاتقها هذه المسؤولية من عدة جوانب اهمها الامنية والاقتصادية، فهي كبقية دول العالم تعاني من ازمات مالية بسبب ما يحدث دوليا وآثاره السلبية على الاقتصادات الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
هذا المقترح الأردني قائم على أهمية توفير بنية تحتية أمنة لعودتهم الطوعية، من خلال توفير عيش كريم لهم، وبهذا يتم تحقيق هدفين في آن واحد الاول التخفيف التدريجي عن الدول المستضيفة التي عانت من ادارة المجتمع الدولي ظهره لهم، والجانب الاخر للاجئ الذي ليس له مستقبل افضل سوى في بلده.
السؤال المطروح، هل سيأخذ المجتمع الدول هذا المقترح على محمل الجد في وقت لازالت هناك دول غربية وعربية غير راضية عن عودة سوريا إلى الحضن العربي، على اساس اعتبارات سياسية داخل دمشق، ام انها ستضع اشتراطات والتزامات غير قابلة للتنفيذ بالشكل الكامل حتى تقدم هذا الدعم لفكرة انشاء الصندوق التي جاءت في وقتها تماما؟ أم ستلتف ولن تعير هذا الأمر الأهمية المطلوبة.
العودة ليست أقل أهمية بالمطلق من الاستضافة، وليس من العدل ان تبقى هذه الدول او تلك تضغط على موازناتها السنوية وبنيتها التحتية وأمن حدودها ورفاه مواطنيها، فيما تصر دول تسمي نفسها بالمانحة تقدم اعطياتها بالقطارة او تتصدر المشهد بانها مصدر الدعم سواء للاستضافة او للعودة، أي حبرا على ورق.
مشكور الأردن الذي يفكر دائما بنظرة استباقية، والآن على الدول التي تقول انها تدعم الشعب السوري ان تثبت ذلك عربية كانت ام غربية، بتمويل هذا الصندوق بالشكل الامثل وبالاشراف الكفؤ الذي يضمن تحقيق الهدف، فكفى ما عاناه ويعانيه الأردن الذي لم ينأَ يوما عن دوره العروبي في دعم الأشقاء.