تفعيل الثقة والحوكمة الرشيدة.. ورشة استراتيجية نظمتها النهضة العربية و"جوناف"
أخبار البلد ــ "الواقع الحالي لم يعد فعالاً، فهل تكون سفينة الدولة ذات فائدة، إن لم يكن الجميع على سطحها؟!” من هذه النقطة تحديداً؛ افتتحت المستشارة الرئيسية في مؤسسة درة المنال للتنمية والتدريب وعضو الهيئة الإدارية في تحالف جوناف، د. سوسن المجالي، ورشة عمل استراتيجية، نظمتها منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) والتحالف الوطني الأردني للمنظمات غير الحكومية (جوناف).
وأكدت المجالي في ورشة: "إطار شراكة بمفهوم جديد: تفعيل الثقة والحوكمة الرشيدة”، ضمن مشروع جيل جديد الذي تعمل عليه منظمة (أرض) لتعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية والعامة، على ضرورة إيجاد ميثاق تفاهمي بين المجتمع المدني ومختلف الجهات، وتعزيز الشراكات، مبينة أن الركيزة الأولى مصلحة الوطن، لكن يجب أن يكون هناك رضا وتوافق بين الجهات كافة.
وعلى مدار يومين، الجمعة والسبت (16-17) حزيران/ يونيو 2023، ركز مشاركون من جهات حكومية ومؤسسات وجمعيات مجتمع مدني وقانونيين وإعلاميين في تقييم واقع المجتمع المدني، وتقديم نظرة جديدة له، فضلاً عن تحديد التحديات التي تعيق مساحات العمل المدني والتخفيف من أثر هذه العقبات.
من ناحيتها، اعتبرت المديرة التنفيذية للنهضة العربية (أرض)، سمر محارب، أن دور المجتمع المدني متعدد ومتنوع في مواجهة الأزمات ودعم أجندات الإصلاح، ولم تحدث نهضات تاريخياً دون أن يكون المجتمع المدني من دفع باتجاهها، وعلى الحكومة تقبل فكرة وجودها، لحاجة الأفراد لتغطية مختلف الاحتياجات، مستعرضة التحديات التي تواجه مؤسسات المجتمع المدني، والمتمثلة بإشكالات داخل المجتمع نفسه (رغم وجود مؤسسات متعددة، إلا أن الفاعلين في هذا السياق أقلاء جداً).
وتابعت: "ثم الفجوة بين المجتمع المدني والجهات الرسمية، وتعدد التشريعات والسياسات الحكومية، إضافة إلى تحدي علاقة هذه المؤسسات مع الجهات الممولة وأولويات التمويل من حيث عدم استدامة المشاريع على سبيل المثال، وصولاً إلى قضية الإعلام وعلاقته مع المجتمع المدني”.
وبشأن دور المجتمع المدني، أوصى المشاركون في الجلسة الأولى، على ضرورة معرفة أسباب وجود المجتمع المدني بأشكاله المختلفة ودوره الأساسي، بعيداً عن التشكيك، والعمل على تعزيز القناعة المجتمعية بأهمية الشراكة بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني، تزامناً أيضاً، مع بناء كفاءات العاملين في المجتمع المدني والجهات الرسمية، واستمرار الحوار بينهما.
ومن ضرورة تهيئة الجيل الجديد، أكدوا أهمية توعيته للمشاركة في العمل التطوعي والحياة العامة، من خلال تنمية مهاراتهم ورفع قدراتهم، وتشجيع القطاع الخاص على دعم المجتمع المدني لإيجاد بيئة تمويل محلي، مع ضرورة رفع وعي الاعلام بأهمية المجتمع المدني.
وحول تفعيل الثقة بمؤسسات المجتمع المدني والحوكمة الرشيدة، اتفق المشاركون أن تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة يتحقق من خلال وضع معايير لتنظيم العمل العام، وكذلك تشكيل هيئة مستقلة إدارياً ومالياً؛ للتنسيق مع مختلف الجهات، بهدف تحسين بيئة العمل وآليات التنسيق والإشراف المتابعة، وأيضاً توحيد المرجعيات القانونية في تنظيم عمل المجتمع المدني، وإنشاء قاعدة بيانات حكومية لكافة تصنيفات المؤسسات المدنية.
ودعوا إلى مراجعة تشريعية شاملة للقوانين والأنظمة الخاصة بعمل الجمعيات لتحسين أعمالهم؛ كمنح الإعفاءات الجمركية والضريبية، إلى جانب تصنيف الجمعيات، وفقاً لعملها، أدائها، والتزاماتها، وغاياتها، وأنشطتها، ومأسسة الاتصال بين المنظمات والجهات الرسمية.
أما بخصوص دعم وجود تحالفات نوعية مختصة تشرف على التنسيق وتبادل المعلومات بين كافة الأطراف، فخلص المشاركون في الجلسة الثانية، إلى أن فكرة التحالفات قائمة على التنسيق بين المجتمع المدني والجهات الرسمية، والاعتناء بأعضاء هذه التحالفات عبر تقديم تدريبات وخطابات للمانحين وتعزيز محلية العمل الإنساني، مشددين على ضرورة الاعتراف بهذه التحالفات كهيئات تنسيقية تسهل العمل بين المؤسسات والجهات الرسمية.
وأعربوا عن حاجتنا إلى توصيات محددة، واضحة، وقابلة للتطبيق، وأن تكون ذات طابع إجرائي، وتحديد الجهات المسؤولة عن تنفيذها، ثم تطويرها وإرسالها لمجموعات العمل لدراستها وتقييمها، مقابل توفير قاعدة بيانات لتوحيد الجهود، علاوة على ذلك، توفير مجلس قائم على الشراكة بين القطاع العام والمجتمع المدني.
وبرؤيتهم، من المهم العمل على جبهات عديدة؛ أولها تعديل قانون الجمعيات، والتعاون دولياً، ومع المجتمع المدني ذاته، وكذلك سياسياً، مما يدعونا أيضاً لفتح حوار رسمي حول ذلك، متطلعين كخطوة قادمة- إلى عرض مخرجات ورشة العمل على مجلس الأعيان.
ووفقاً للمشاركين، فإن الإدارة موجودة لتعزيز المشاركة السياسية والعامة لدى الشباب والجيل القادم، لكن ينقصنا بناء جسور الثقة بينهم وبين الجهات المختلفة، كما طالبوا بمراجعة وإعادة دراسة آليات التمويل في وزارة التخطيط، وإحالة ملف التمويل الأجنبي إلى وزارة الخارجية، كما في دول عدة.
بالنتيجة؛ رغم وجود تحديات مختلفة، هناك أيضاً جهود كبيرة من الحكومة والمجتمع المدني وكافة الجهات، لتقريب وجهات النظر ومعالجة تلك الإشكالات، والمضي قدماً في العمل العام، مع التركيز على أن الهدف النهائي هو توحيد المرجعية القانونية والمؤسساتية، عبر إنشاء هيئة حكومية متخصصة تعنى بكل شؤون المجتمع المدني، ومواصلة البحث عن المفهوم الجديد للعلاقة بين جميع المعنيين في إطار تحكمه الثقة والحوكمة الرشيدة، كما طلب في بداية الجلسة.