ممدوح العبادي يطالب بإعلان حالة طوارئ .. "وإذا تطلب الأمر فرض الأحكام العرفية" !

أخبار البلد ــ وصف رئيس الوزراء الأسبق، رئیس جمعیة الشفافیة الأردنیة، الدكتور ممدوح العبادي ملف البطالة "بالقنبلة الموقوتة"، والتي تهدد أمن واستقرار المجتمع إذا لم يتم استداركها.

وأكد العبادي خلال كلمة ألقاها في حوارية "البطالة في الأردن وسبل مواجهتها"، أن نسبة البطالة المرعبة التي تصدر في تقارير البنك الدولي وغيره، تتطلب من الدولة والشعب "دق ناقوس الخطر والقيام بحالة طوارئ حتى لو تطلب الأمر فرض الأحكام العرفية"، والبدء بمحاربة البطالة لأن الانفجارات عندما تحصل تلتهم اليابس قبل الأخضر.

واستعرض العبادي مؤشرات اقتصادية واستراتيجية للعشر سنوات الأخيرة صادرة عن جهات حكومية، بين خلالها أن العجز بعد المنح أصبح كالتالي .. في 2010 مليار دينار، فيما وصل في عام 2022 إلى مليار ونصف دينار، أما الدين العام فقد كان في 2010 حوالي 12 مليار دينار، ليتضاعف ثلاثة مرات في 2022 واصلًا إلى 36 مليار، فيما كانت نسبة البطالة في 2014 تصل إلى 12%، وتجاوزت هذا الحاجز في 2022 ووصلت إلى 23%. 

وتاليًا نص كلمة العبادي كاملة:

الشكر كل الشكر للأخوات والأخوة الحضور : 

والشكر أجزله للأخ المهندس فتحي الجغبير .. وغرفة الصناعة ، إدارة وعاملين .....

والشكر للأخ ميشيل نزال .. صاحب الباع الطويل في السياحة. 

تعلمون بان جمعية الشفافية الاردنية إهتمت دوما بطرح مختلف الملفات والقضايا التي تهم الوطن والمواطن ... أَملاً في إثراء النقاش ووضع مقترحات بين يدي مراكز القرار والمجتمع .

وتعلمون أيضا بان نقاشنا اليوم عن "البطالة" التي أقل وصف في التحدث عنها دوما هو"قنبلة موقوتة" لأنها قنبلة فعلية تفخخ ثم تفجر المجتمع وتهدد منعته وإستقراره إذا لم تستدرك.

ويحضرني قبل كل شيء قول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : (عجبت لِمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج للناس شاهراً سيفه ) والجق أقوله لكم أني صعقت عندما قرأت تقريراً قبل مدة قصيرة أن نسبة الجامعيات الإناث العاطلات عن العمل في وطننا الحبيب يصل الى درجة 79,42 % من الخريجات ، فلنتصوَّر أن (ثمانية) من كل (عشرة) خريجات جامعيات من بناتنا يجلسن في بيوتهن بإنتظار العريس ولا يأتي ، لأنه يفضل من تعمل لتتعاون معه على شظف العيش في هذه الدنيا .

وتأسيسا على المنطلق ، حول هذه الأرقام المرعبة من البطالة في تقارير البنك الدولي وغيرها ، نرى لزاماَ علينا جميعاً دولة ومواطنين أن ندق ناقوس الخطر والقيام بحالة طوارئ حتى لو تطلب الأمر فرض الأحكام العرفية ، والبدء بمحاربة البطالة فالإنفجارات عندما تحصل تلتهم اليابس قبل الأخضر وعلينا إعلان الحرب بلا هواده على من يعيق الحلول الجذرية.

الحضور الكريم: اجد لزاما علي المرور على المؤشرات الإقتصادية الإستراتيجية في العشر سنوات الأخيرة ، والمعلومات المقدمة من الحكومة وليس من أي مؤسسة معارضة أو معادية : 

1- العجز بعد المنح : 

2010 ....... مليار واحد 

2022 ....... مليار ونصف 

ويتراوح العجز في السنوات العشر الماضية بين مليار و2 مليار 

2- الدين العام : 

2010 ....... 12 مليار

2022 ....... 36 مليار ....... أي تضاعفت ثلاثة مرات 

3- معدلات البطالة : 

2014 ...... 12%

2022 ......... 23 %

4- معدلات الفقر : 

آخر تحديث سنة 2010 ....... وبعدها لا يوجد أية احصائيات معلنة من قبل الدولة 

هذه صورة قاتمة لوضعنا الإقتصادي في العشر سنوات الأخيرة أقدمها لكم بالأرقام الرسمية .

الاخوات والاخوة الحضور:

- معالجة المريض تبدأ بالتشخيص أولاً 

- ومعالجة مشكلة البطالة تبدأ بتحديد الأسباب التي أدت الى هذه النسبة المرتفعة من البطالة .

أ‌- الأسباب 

أولا- الكلام عن التعليم لتلبية حاجات المجتمع إستمر إنشائي بإمتياز ويخلو من المضامين لأكثر من 30 عاما وخطط الهيكلة التعليمية إنتهت بتكدس الكليات والجامعات والمعاهد ثم تكدس أعداد الخريجيين بدون خطط تنسيقية لا مع النمو الاقتصادي ولا مع"إحتياجات السوق" ((توجيه الذنيبات))

ثانيا : النفقات الرأسمالية الشحيحة في موازنات الدولة ، والتي لا تتعدى 2% من النفقات الرأسمالية في الموازنة التي تذهب الى المشاريع الجديده في هذه السنة في أحسن حالاتها .

775 مليون نفقات مستمرة 

500 مليون نفقات قيد التنفيذ 

262 مليون مشاريع جديدة

والنفقات الرأسمالية هي المولد الحقيقي لفرص العمل عكس النفقات الجارية والتي هي نفقات متكررة لا تولد فرص عمل جديدة بالمعنى الإقتصادي. 

ثالثا : الأيدي العاملة غير الأردنية حيث تغيب العدالة عن المنافسة في سوق العمل بين العمالة الوطنية وتلك الوافدة وحيث نسبة الوافدين عمالا ومهاجرين تعادل 30% من السكان وهي نسبة تدلل على إختلال.

المعالجات المقترحة : (الحلول) 

أولا : في التعليم آن أوان وضع خطط طويلة الأمد تعلي من شان القياس العلمي لفرص التعليم بضوء فرص العمل والإحتياجات وتوقف مسار التوسع الشعبوي في هياكل التعليم لإرضاء المجتمع ثم تنتبه للإنتشار العشوائي للكليات والجامعات الخاصة ولفتح الباب على مصراعيه للتسجيل الموازي في الجامعات الحكومية على حساب الكفاءة العلمية.

ولسوء الحظ - أقولها بصراحة- أن شراكة رأس المال مع كبار رجالات التربية هي التي فتحت الباب على مصراعيه لإغراق السوق من الخريجين لينضموا الى صفوف البطالة .

ثانيا : وفي محور الأيدي العاملة غير الأردنية 

1- عدد السكان الأردنيين 6.5 مليون 

2- عدد السكان في الأردن 10 مليون 

بمعنى أن 35 % من السكان في الاردن الذين لا يحملون الجنسية الأردنية .

وأهم هذه المجموعة هم الأخوة السوريين ، الذين استقبلناهم على الرحب والسعة عندما كانت بلادهم غير مستقرة ، والآن وبعد أن هدأت الأحوال العامة هناك... وخصوصاً أن 99% من اللاجئين  السوريين في بلادنا هم من الجنوب السوري ، و المنطقة الآمنة 100% .

صحيح أن الأمريكان يضغطون بشروطهم بعدم عودة اللاجئين لأغراض سياسية ضد سوريا وقانون قيصر الأمر الذي يضر الأردن أكثر من أن يضر سوريا. 

وصحيح أن كثير من الدول التي دفعت مئات المليارات من الدولارات لتخريب سوريا لم تستقبل أي لاجئ سوري ، وهي الدول التي تستطيع استيعابهم حيث الأيدي العاملة الأسيوية عندهم بالملايين لكن يخطر في ذهني تلك المقولة العميقة .. 

( إذا الزيت طلبه أهل البيت حُرّم على الجامع والكنيسة) 

امام كل تلك التحديات التحديات يجب على الدولة اتخاذ القرارات التالية : 

1- أردنة العمل : كما قامت السعودية بسعودة العمل . 

أ‌- الأولوية للعامل الأردني في كل مجال

ب‌- معاملة متساوية مع أي عامل بتسجيله في وزارة العمل سورياً كان أو غير سوري

ت‌- وبعد عودة العرب الى سوريا في اجتماع الجامعة العربية الأخير ، يجب أن تشكل لجنة أردنية سورية مشتركة وفوراً للإنتهاء من الهجرة السورية لأشقائنا . ولا أحد يستطيع أن يزاود على الأردن في العالم في استقبالنا لأخواننا.


ثالثاً : المجال الإقتصادي في العالم هو : زراعي ، صناعي ، خدمات وبعض الدول عندها الإمكانات الثلاثة كدولة كبرى مثل أمريكا أما في الأردن فالمجال الزراعي والصناعي رغم الصعوبات التي يواجهها هذين القطاعين الهاميين جدا والتي تفرض حكما دعمها وخصوصاً الصناعة ، بتخفيض فاتورة المحروقات عليها. 

والتحقق واعادة النظر في المعاهدات التجارية الجائرة بيننا وبين بعض الدول. 

لكن الإقتصاد في الدول لابد ان تكون له هوية وأرى ان هويتنا الأفضل إستثماريا قطاع"الخدمات" وإذاحسن التعامل معه ، سيصبح الرافد الإقتصادي الأساسي للدولة ، وسيكون هو بترول الأردن . 

ويهمنا في هذا المجال أن نركز على السياحة وهي الرافد الأساسي للخدمات. 

والسياحة ثلاثة أنواع :

1- الترفيهية والآثار : وهي ممتدة في بلادنا من وادي رم والبتراء وجرش وأشهد أن الدولة فعالة بهذا الجانب ونشد على يديها في التطوير والإستمرار بدعم هذه السياحة. 

2- السياحة الدينية : 

الحق يقال هنا أن الإهتمام بموقع المغطس سياحيا كان منتجا وفعالا خصوصا في جذب الزوار المسيحيين وبعض المشكلات لا تزال موجودة ويمكن تجاوزها بتطوير العمل وتجاهل التردد والحسابات ليصبح المغطس مزارا وطنيا وعالميا.

لكن عندما يتعلق الأمر ب"السياحة الدينية- الإسلامية" يبدو ان الهواجس الكلاسيكية المعلبة لاتزال تتصدرحسابات الإشتباك والقرار وعبر هذا المنبر ندعو وفورا للإستثمار فيما حبانا ألله به من مواقع وآثار ومقامات وأضرحة لها قيمة عند شرائح واسعة من المسلمين.

وليس سرا اننا يمكننا تقليد الأشقاء في المملكة السعودية حيث يزور ويحضر المسلم السني والشيعي معا وبكثافة لزيارة مكة والمدينة وبدون أي تأثير سلبي على الدولة السعودية.

وغني عن الذكر أن المسلم الشيعي الشقيق يمكنه الحضور لزيارة مقام جعفر الطيار في الكرك أذا أتيح له ذلك وواجبنا اليوم اذا رغبنا في التخفيف من حدة البطالة وحسم هويتنا الخدماتية السياحية ان نعمل وبلا تردد على "توفير تلك الفرصة" للشيعة.

بصراحة لا أرى هنا إلا عجزا وقصورا وترددا في غير مكانه وعلى الدولة الأردنية ان تبادر وتتخذ خطوة جريئة ومحسوبة في مجال إستقبال وجذب السياح الشيعة ويمكنها ان ترسل رجال الدين وأقطاب السياحة الى الدول الإسلامية لدعوتهم الى زيارة مرقد جعفر الطيار ، وإذا كان هناك بعض الموانع الأمنية فلتناقش بتفاصيلها وتتخذ كل الترتيبات الأمنية التي تثبت حقيقنا كدولة مؤسسات "سيادية" قادرة على ضبط الحالة الأمنية بصرف النظر عن هوية وعدد الزوار.

للعلم اذا برزت موانع بإتجاه بعض الدول يمكن مخاطبة الشيعة في دول تربطنا بها علاقات ممتازة فتركيا مثلا نسبة الشيعة فيها نحو 20 % وكذلك السعودية والبحرين والكويت وقطر وقبل تلك الدول العراق الشقيق خلافا لأن الهند فيها أكبر تجمع شيعي في العالم حيث عدد السكان الشيعة هناك 84 مليون نسمة. 

ما الذي يمنع تأسيس برامج سياحية تخاطب هذه الكتل الإجتماعية ؟

حيثما تكون المصلحه ... فثمّ شرع الله

ثالثا : السياحة العلاجية 

قبل عدة سنوات اخذت الحكومة الاردنية قرارا بوضع كل من (( العراق واليمن وليبيا والسودان )) وهي الدول التي ياتي منها 80 % من السياحة العلاجية صنفت على انها جنسيات مقيده بمعنى انه يجب على المواطن في تلك الدول الفيزا من بلادها قبل القدوم الى الاردن وكانت ليبيا (( طرابلس وبنغازي )) واليمن (( صنعاء وعدن )) والعراق (( بغداد واربيل )) من هنا تراجع في السنة التي بعد هذا القرار تراجع الدخل السياحي العلاجي في الاردن من 1500 مليون الى 900 مليون دولار .... اي خسرنا في تلك السنة 600 مليون دينار ....

نتيجة هذا القرار الخاطئ ..... وعللت الجهات المختصة في حينها بسبب انتشار الدواعش رغم ان تلك البلاد لايوجد فيها دواعش مطلقا ....

ولسوء الحظ حاولت كل الجهات الصحية المختصة ثني الدولة عن قرارها الا انه كان الجواب الصارخ (( ان الامن اهم من السياحة العلاجية )) ....

واليوم وبعد تباشير الخير بدأت الدولة باعادة النظر بدعم السياحة العلاجية من هنا فانني انصح الدولة بما يلي

أولا : رفع الجنسيات المقيده لتلك الدول فورا 

ثانيا : ارسال وفود تسويقية من هيئة تنشيط السياحة واصحاب المستشفيات الخاصه .... أصحاب المصلحة الحقيقية في السياحة العلاجية .... وأرى بأن يكون هاتان المؤسستان هما المسؤولتان عن عملية السياحة العلاجية وان استعادة الوضع القائم قبل قرار الجنسيات المقيده يحتاج الى جهدا كبير .

الخلاصة: 

 الخطوة الأولى لأي حل هي شجاعة الإعتراف بالفشل الذريع في العشر سنوات الأخيرة في التعامل مع الإقتصاد والذي تراجع في كل المجالات حتى أودى بنا لهذه (الفاجعة) البطالة. 

وعلينا التحلي بجرأة التشخيص بعيداً عن عقد التحديثات والمؤتمرات واللجان المكررة ، وقراراتها التي طالما ذهبت الى سلة المهملات. 

إعلان الإنتهاء من بناء عشرة منازل سكنية للفقراء خير من أن يُعلن أننا بصدد بناء أهرامات بعد سنة. 

سئمنا ومللنا من حرف (السين) اللعين . 

أجزم شخصيا بصراحة ان "السيادي" هو الأساس في المعالجة والتحريك لأن الطاقم الإقتصادي ليس صاحب قرار للأسف.
وحتى لا نُتّهم لنقرأ معا خلاصات تقرير البنك الدولي وهو يحذرنا كأردنيين من"الأسوأ القادم" ومن نمو رقعة الفقر... وان الازمة الاقتصادية لم تصل الى الذروة .

والصعوبات التي يواجهها المواطن الاردني ستصبح أقسى لاحقا .


الأخوة الأفاضل :

 مليون فرصة عمل في العشر سنوات المقبلة ، واستثمار بعشرة مليارات خلال العشر سنوات المقبلة ((هو هدف رومانسي بامتياز)) . 

الدكتور ممدوح العبادي رئيس جمعية الشفافية الاردنية 

عمان في 17/6/2023