هجوم أم انتحار أوكراني بدون غطاء جوي؟

أخبار البلد- أعلنت الولايات المتحدة عن مساعدات طارئة يوم اول امس بقيمة تقارب الملياري دولار لتوفير منظومات دفاع جوي للقوات الاوكرانية، تبعها الاعلان اليوم الثلاثاء عن مساعدات جديدة بقيمة تقارب 350 مليون دولار .


الإعلانات الامريكية المتكررة عن مساعدات يمكن وصفها بالطارئة جاءت متأخرة، ولن تغير نتيجة الهجوم الاوكراني الذي تحول الى عملية استنزاف واضحة للقوات الأوكرانية المهاجمة التي تفتقد لغطاء جوي او دفاعات فاعلة.

يمكن اعتبار الإعلانات الامريكية المتكررة عن مساعدات طارئة بأنها دعوة لأوكرانيا لمتابعة الهجوم البائس على أمل إحداث أثر نفسي واضطرابات أو هزة داخل روسيا تسجل كنصر لأمريكا وللناتو ولبايدن شخصيا؛فيومًا بعد يوم يتحول الهجوم الاوكراني الى استنزاف حقيقي للقوات الاوكرانية التي تُواجَه بضربات جوية دقيقة من قبل القوات الروسية وسلاح الجو الروسي الذي يقبع منتظرًا تقدم القوات الأوكرانية خلف السواتر الدفاعية.

يصعب تخيل نجاح الهجوم الاوكراني في ظل فقدانه لأهم عناصر النجاح ممثلًا بالغطاء الهجومي؛ فالجيش الاوكراني لا يخوض حرب عصابات التي يبدو أنها غير موجودة في قاموسه، بل حربًا نظامية تكشف عن وجود مخططين من الناتو في الظل.

غياب الدفاعات الجوية لا يمكن تعويضه في حالة الهجوم إلا باتباع إستراتيجيات حرب العصابات، وهو التكتيك الذي تفتقده القوات الاوكرانية، فهي لا تخوض حرب عصابات، ولا هي في حالة دفاع تتحصن بانتظار القوات المهاجمة وتناور لتجنب ضرباتها الجوية.

من الواضح الهجوم الاوكراني لا يهدف لتحقيق أي مكاسب عسكرية على الأرض، فالخسائر الاوكرانية كبيرة؛ ما يعني ان الهجوم حاجة نفسية للقوات الاوكرانية وللحلفاء في الناتو، وجزء مهم من الحرب النفسية على الكرملين، وخصوصًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ بإحراجه وإظهاره في موقف الدفاع لا الهجوم.

لمواجهة الإستراتيجية الغربية للناتو ظهر بوتين امام وسائل الاعلام يوم امس متماسكًا وهادئًا؛ إذ أراد إيصال رسالة بأن الأثر النفسي للهجوم لم يتحقق، سواء على الصعيد الشخصي لبوتين أم على صعيد الداخل الروسي الذي يتعرض لحملات إعلامية، وحرب نفسية معقدة.

لكن ما يثير الإعجاب في رد الفعل الروسي الهدوء والثقة بالإستراتيجية المتبعة على خلاف الحلفاء في الناتو المنتظرين لنتائج على الأرض، وفي الفضاء النفسي؛ نتائجُ لن تأتي -على الأرجح- بجديد في حال تمسك الروس بإستراتيجيتهم الدفاعية.
وبالتالي لم يعد السؤال اليوم عن حملة الربيع الأوكرانية وجدواها العسكرية، بل السؤال الذي بات اليوم:
ماذا بعد هجوم الربيع الانتحاري؟

هل يتجه الخصوم الى طاولة المفاوضات في بكين، أم أن الناتو سيبحث عن نصر من نوع آخر قبيل الانتخابات الرئاسية الامريكية تستهدف فيه موسكو بشكل مباشر مجدداً؟

وما هي الأدوات والآليات التي سيطورها الروس بمررو الوقت للرد على هذه الهجمات؛ فالمسار الإستراتيجي اليوم بات أكثر اعتمادًا على الفعل ورد الفعل المضاد والمتطور والمعقد؟