لماذا انقلب ايتام الذهبي على معلمهم وتخلو عنه بعد سجنه؟
لملم الزميل أحمد جرار مراسل الجزيرة في عمان بعض اللقطات المبعثرة للجنرال محمد الذهبي مدير المخابرات الأردني الأسبق بعدما ارتدى البدلة الزرقاء ودخل السجن الخميس الماضي.
وبسبب عدم وجود سجلات تصوير سابقة للجنرال الطريف والمثير للجدل إضطر الزميل للتنقيب في لقطات عن مناسبات سابقة حصل بعضها في القصر الملكي حتى يضمن ظهور الجنرال بين ثنايا تقريره عن الحدث الذي يعتبر الأبرز محليا في سنة الحراك الشعبي.
.. هنا حصريا كان يمكن للمشاهد أن يرصد الجنرال وهو ينكش أنفه بحركة ناعمة أو يلعب بذقنه أويضع يده اليسرى في جيبه الأيسر وهي عادة معروفة عن الرجل لم يتجاوزها حتى عندما خرج من قصر العدل مخفورا ليجد كاميرا واحدة فقط تترصده في هذه اللحظة التاريخية وهي كاميرا صحيفة الرأي المخصصة لأفلام الفيديو.
كاميرات الفضائيات برمتها إبتعدت أو أبعدت عن المكان لحظة خروج الذهبي مخفورا ومحاطا بخمسة من ضباط الشرطة .. وحدها 'الرأي' ولأسباب تعلمها القيادة أتيح لها التواجد في المكان فصورت شريطا قصيرا لا تزيد مدته عن 30 ثانية إنتشر خلال لحظات كالنار في الهشيم.
لاحظوا صحيفة الرأي التي كانت إحدى قلاع الإعلام التي يستحكم فيها الذهبي عندما كان يحكم بأمر المسلمين حتى أن الزميل جرار إسضاف رئيس تحرير الصحيفة لكي يتحدث عن فضيحة (الذهبي جيت) بكل شفافية .. سبحان ألله كيف يصبح البعض في بلادي فجأة (أقل حظا) فينهشه الإعلام الذي كان بالأمس فقط ينهش كل الأخرين من أجله.
أيتام الجنرال
لا شماتة طبعا بالذهبي فالرجل بين يدي القضاء وهو صاحب الأمر في تقريرمصيره والخطأ الحقيقي لم يكن مخالفاته العلنية فقط بل كان وجوده أصلا في موقعه الوظيفي وتعيينه مديرا للمخابرات في مرحلة صعبة ومعقدة لم تتضح أسرارها.
ومع ذلك يمكنني القول وبضميرمرتاح بأن أخطاء بلدية العاصمة عمان قد لا يتحملها عمدة العاصمة الذي سجن هو الأخر بتهم فساد بل بدأت هذه الأخطاء بمجرد إختيار رجل ناجح جدا في القطاع الخاص لوظيفة العمدة.
عموما ما يفاجئني أكثر من غيره هو الكيفية التي إنقلب فيها القوم خصوصا في الإعلام والصحافة البائسة على الرجل - أقصد الذهبي- بعدما أصبح رأسه مطلوبا وقد كنت من الذين إستهدفهم الذهبي وطاردهم وضايقهم وخاصمهم ولا تعجبني إطلاقا المقالات البشعة التي نشرها ضده من كانوا قد وضعوا أنفسهم كذخيرة حية في احضانه عندما كان صاحب القرار الأول.
هؤلاء أيتام الذهبي.. إستخدمهم سنوات ضد كل من خالفه الرأي وصنع بهم التجاذب ومزق الوحدة الوطنية بأقلامهم وخلال أيام فقط إنقلبوا عليه بقسوة غير أخلاقية وبطريقة غريبة وأكثر من غيرهم ليس لسبب إلا لأن (الجمهور عايز كده) والجمهور في حالتنا لا علاقة له بالناس.
أحد هم بدأ في وقت مبكر بنشر صورة الذهبي خلف القضبان وطارده بسلسلة أخبار تتحدث عن تحريضاته على المعارضة والحراك.. آخر كان قد وصف الذهبي يوما بأنه بطل قومي ومكسب كبير لإستراتيجية المقاومة الوطنية الأردنية وأحد رموز النزاهة لكنه منذ اندلعت أزمة الرجل الطازجة لم تظهر كلمة الذهبي في مقالاته إلا عندما ندد باللصوص والحرامية.
وثالث كانت تأتيه التعليمات من حاجب الذهبي وسائقه فيمتثل ما لبث ان تحول إلى ماكينة ضد الرجل الذي سقطت ورقته فبدأ يفترض ويكذب ويسرد قصصا وحكايات عن الخدمات الخاصة التي قدمها الذهبي لمدراء المخابرات عندما كان سكرتيرا لهم بما في ذلك ربط حذاء أحد المدراء.
هؤلاء نشروا مقالات معيبة وإنقلابية على معلمهم السابق وهم مؤهلون دوما للإنقلاب على أي شخص لم يعد واقفا وندائي لأصحاب السلطة في بلادي أن أحذروهم فبعض ما ينشر يدفعني أحيانا للشفقة على مهنة الصحافة.