الاثار المتوقعة لمحاربة التهرب الضريبي

أخبار البلد - تطالعنا مختلف وسائل الاعلام بين الحين والأخر عن نجاح دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، كأحدى قنوات الخزينة الرئيسية لتحصيل الايردات، في مكافحة حالات كثيرة من التهرب الضريبي في مختلف القطاعات الاقتصادية. وهذا امر يصب في المصلحة العامة وتصويب أوضاع المالية العامة للمملكة. ويفترض أن ينعكس هذا الأمر بالإيجاب على العبء الضريبي الذي يتحمله المواطن، سواء أكان المواطن فرداً أم شركة. وبالرغم من عدم توفر إحصاءات منشورة حول حجم الإيرادات الضريبية المتأتية من محاربة التهرب الضريبي، إلا أن ما يهم المتابع أكثر هو معرفة كم نجحت هذه العملية في التخفيف من اللجؤ الى الاقتراض أو إلى فرض المزيد من الضرائب او رفع النسب الضريبية الحالية بشكل مباشر أو غير مباشر.

فمن الناحية العملية، يفترض أن يكون لمحاربة التجنب والتهرب الضريبي تأثير كبير في خفض عجز موازنة الدولة وتقليل الحاجة إلى الاقتراض أو فرض ضرائب إضافية، بما في ذلك زيادة نسب الضرائب الحالية. فعندما ينخرط الأفراد أو الشركات في التجنب من الضرائب أو التهرب الضريبي، فإنهم يستغلون الثغرات القانونية والاجرائية أو ينخرطون في أنشطة غير قانونية لتقليل التزاماتهم الضريبية، ويؤدي ذلك إلى انخفاض الإيرادات الضريبية للحكومة، مما يؤدي إلى زيادة عجز الموازنة واضطرار السلطات إلى اللجوء الى اتباع تدابير بديلة لتمويل النفقات الحكومية. فماذا تشير البيانات الرسمية لدائرة ضريب الدخل والمبيعات؟

يشير الموقع الالكتروني لدائرة ضريبة الدخل والمبيعات الى أنه في عام 2022 بلغت إيرادات ضريبة الدخل والمبيعات نحو 5.76 مليار دينار مقارنة مع 5.21 مليار دينار في عام 2021 بإرتفاع نسبته 11% تقريباً لتسجل بذلك مستوى قياسي جديد، ما يعكس تحسن النشاط الاقتصادي والتجاري وارتفاع كفاءة التحصيل الضريبي. وقد ساهمت حزمة الإصلاحات الضريبية وكفاءة التحصيل الضريبي من حيث الاصلاح الهيكلي للضرائب المباشرة وغير المباشرة في تعزيز الإيرادات الضريبية العام الماضي، ولكن هل أدى التحسن في التحصيل الضريبي الى انخفاض عجز الموازنة وتقليل الحاجة للاقتراض؟!

تشير بيانات نشرة مالية الحكومة العامة لشهر آذار 2023 الى إرتفاع الإيرادات المحلية من 7.3 مليار دينار عام 2021 الى 8.1 مليار دينار عام 2022، منها زيادة الإيرادات الضريبية من 5.8 مليار دينار الى 6.2 مليار دينار، وهذا ساهم في تخفيض العجز قبل المنح من 2.5 مليار دينار عام 2021 الى 2.3 مليار دينار عام 2022. وبذلك يكون التحسن في الايرادات الذي نجم جزء منه عن كفاءة التحصيل الضريبي نتيجة مكافحة التهرب والتجنب الضريبي، الا أن ذلك لم يقلل من الاقتراض، حيث ارتفع رصيد الإقتراض الخارجي، بعد إستنثاء ما يحمله صندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعي، من 15.1 مليار دينار عام 2021 الى 16.5 مليار دينار عام 2022 وبنسبة ارتفاع وصلت الى 8.9% خلال سنتي المقارنة وبنسبة ارتفاع وصلت الى 37.7% مقارنة مع عام 2019. كما وارتفع رصيد الدين العام الداخلي للحكومة العامة من 13.6 مليار دينار عام 2021 الى 14.2 مليار دينار عام 2022، وبنسبة ارتفاع وصلت الى 4.1% خلال سنتي المقارنة وبنسبة ارتفاع وصلت الى 18.3% مقارنة مع عام 2019.

وبصورة أولية يمكن القول أن مكافحة التهرب الضريبي وتجنبها مكن الحكومة من زيادة عائداتها الضريبية، وبالتالي تقليل عجز الموازنة، وبالوقت نفسه قلل من الحاجة إلى فرض ضرائب إضافية أو زيادة النسب الضريبية على الأفراد أو الشركات، ولكنه لم يمكنها من الاعتماد بشكل أقل على الإقتراض لتغطية العجز. وقد يكون تفسير بعض ذلك يعود الى أن الحكومة قد خصصت المزيد من الأموال للنفقات الرأسمالية التي ارتفعت من 1.3 مليار دينار عام 2021 الى 1.6 مليار دينار عام 2022 وبرامج الرعاية الاجتماعية التي ارتفعت من 212.8 مليون دينار عام 2021 الى 269.8 مليون دينار عام 2022.

نأمل أن تكون هناك تفاصيل رسمية أكثر عن مدى كفاءة وفعالية محاربة التهرب والتجنب الضريبي في تحسين مالية الحكومة وتخفيف أعباء الدين العام وبنفس الوقت تقليل الاعباء الضريبية عن المواطن.