الحياد التكنولوجي المالي
أخبار البلد- يُعرَّف الحياد التكنولوجي (Technological neutrality) بأنه «حرية الأفراد وكيانات الأعمال في اختيار التكنولوجيا الأكثر ملائمة لاحتياجاتهم ومتطلباتهم للتطوير أو الاستحواذ أو الاستخدام أو التسويق، دون الحاجة إلى تبعيات المعرفة كمعلومات أو بيانات». إن الافتراض الحيادي هو أن التكنولوجيا يمكن أن تكون محايدة لأنها مصممة لتكون كذلك. ولكن في الممارسة العملية فقد يكون الحياد صعباً. وغالباً ما يختبئ المبرمجون الذين يصممون «تقنية محايدة» وراء خوارزمياتهم عند التطبيق. حيث يُظهر المبرمجون العديد من التحيزات التي تنبع جميعها من التجارب الشخصية، مما يؤدي إلى نقص الحياد والترابط. فإذا ما تم تصميم التكنولوجيا من قبل طرف ما لغرض معين وقد تم استخدامها ليكون من قبل طرف آخر لغرض مختلف تماماً عن الهدف الأساسي، عندها تبدأ المخاوف بالظهور حيال التكنولوجيا وحيادها. وهنا يمكن إعادة توظيف التكنولوجيا واستخدامها لتحقيق وسائل مختلفة بناءً على إمكانية الوصول، وبالتالي لا يمكن أن تكون للتكنولوجيا محايدة تماماً، بغض النظر عن النوايا الأصلية.
غالباً ما يستشهد قادة الأعمال والأكاديميون وصانعو السياسات بالحياد التكنولوجي كمعيار مهم يجب أن يسترشد به في تصميم الأدوات التنظيمية. حيث يتوجب أن تحدد آليات السوق التقنيات التي تحقق اعتماداً واسعاً لأن هذا سيضمن الحلول الأكثر فعالية من حيث التكلفة. وعليه تكون جميع المنتجات والخدمات متاحة لمعظم المستخدمين بغض النظر عن النظام الأساسي أو نظام التشغيل أو الجهاز المستخدم. تخضع التكنولوجيا دائماً لتفسير المستخدم مما يزيل أي جانب من جوانب الحياد التي كانت تحملها التكنولوجيا سابقاً. ومثال ذلك أن الروبوت يتعلم مثل الإنسان من خلال الممارسة بالاعتماد على تفاعلات الروبوت السابقة وتجربة المستخدم البشرية. وبغض النظر عن نية الإنسان لإبتكار مثل هذه التكنولوجيا، يمكن أن يكون لعواقبها تأثير تمييزي. ومن المهم أن ندرك أن الحياد التكنولوجي غير موجود بشكل مطلق، وأنه يمكننا التعامل بشكل أفضل مع عواقب التكنولوجيا المتحيزة.
إن التطورات التكنولوجية شملت العديد من مناحي الحياة التي تمس استخدامات الانسان بشكل مباشر لا سيما الصناعة والاقتصاد والمناخ والقانون على حد سواء. وأما من المنطلق المحاسبي فإن التكنولوجيا باتت جزء لا يتجزأ من البرمجيات المحاسبية التي تعمل على إنتاج المعلومات المحاسبية والتي يندرج من ضمن خصائصها الحياد الذي يقصد به البعد عن الانحياز المتعمد للوصول لنتائج محددة مسبقاً لخدمة أطراف معينة. فاليوم لا يمكن إنتقاء المعلومات بشكل يتضمن تفضيل إحدى الجماعات المستفيدة على حساب الاخرى. بل يجب أن تكون المعلومات حقيقية وصادقة. ولكن تبقى الحيادية التكنولوجية والمحاسبية مسألة نسبية وجدلية لا يمكن الوصول إليها بصورة مطلقة لطالما أن هناك تضارب في المصالح للأطراف ذات العلاقة. إن التقارير المالية تؤثر على كفاءة أسواق رأس المال والاستثمار أيضا لذلك تسعى الشركات أن تظهر ما أنجزته خلال فترة زمنية محددة بأفضل صورة معتمدة على مواردها المادية والبشرية والتكنولوجية، وليس من مصلحتها الإفصاح عن إخفاقات تحملها مسؤولية. ولذلك يبقى الحياد خاصية نظرية لا بل مثالية في عالم التكنولوجيا الناضجة اليوم.
Haddad_hossam@hotmail.com