تعالي اصوات تخفيض الرواتب الكبرى !


تتعالى الاصوات هذه الايام مطالبة بتخفيض الرواتب الكبرى في اجهزة الدولة المختلفة, من رئيس الوزراء والوزراء واعضاء مجلسي الاعيان والنواب ومن هم في حكمهم من كبار المسؤولين الاخرين, ما دامت الحكومة تعاني من ضائقة مالية خانقة وصفها وزير المالية بانها "خطيرة" ووصلت الى حد عرقلة اقرار مشروع قانون الموازنة العامة حتى الان, من اجل اجراء تعديلات على بعض بنود النفقات والمساعدات المحتملة, حتى لا يتم ردها من مجلس النواب, وهذا ما يعتبر سابقة هي الاولى من نوعها اذا ما تم تنفيذها فعلا, اضافة الى الاعلان صراحة عن عدم القدرة على الايفاء بالعهود والوعود في الهيكلة وغيرها, كما هو الحال مع الاحتجاجات المتواصلة عليها بما في ذلك اضراب المعلمين الذي شل الدراسة في معظم المدارس الحكومية مع بداية الفصل الدراسي الثاني ! .

اذا ما كانت الحكومة تطالب جميع القطاعات بان تصبر على بلواها في مطالبها المادية التي لا تتوافق مع عجز قياسي ومديونية فاقت سقف قانون الدين العام, فان الاولى بها ان تراجع نفسها اولا في النفقات غير الضرورية والامتيازات التي لا حصر لها لمن يعتبرون "علية القوم", وان تقدم مثلا على انها ستبدأ في تطبيق التقشف الحقيقي من خلال تخفيض الرواتب المقدرة بالاف الدنانير شهريا مع العلاوات والمكافآت والمخصصات الاضافية غير المعلنة التي تزيد الاعباء على وضع مالي غاية في الصعوبة! .

كتلة التجمع الديمقراطي في مجلس النواب طالبت صراحة بخفض رواتب وامتيازات مجلس الوزراء وكبار المسؤولين وعدم منح النواب اية امتيازات مماثلة, وقالت في بيان لها بهذا الخصوص ان الظروف الاقتصادية الراهنة تشهد ازمة خطيرة تتمثل بعدم الرضا والغضب عند مختلف القطاعات, التي تقوم بسلسلة من الاضرابات بسبب خيبة املها من تحسن ملموس على دخلها, ودعت الحكومة الى الاعلان عن تخفيض استثنائي على الرواتب والامتيازات التي تزيد على ثلاثة الاف دينار, مع البحث عن طريقة لتطبيق ذلك ايضا على ادارات الشركات المساهمة العامة والتقاعدات الخيالية من الضمان الاجتماعي! .

اما حزب الوسط الاسلامي فقد طالب الحكومة كذلك بتخفيض رواتب رئيس الوزراء والوزراء وكبار المسؤولين ومكافآت النواب والاعيان لتتمكن من تقديم هذا الوفر الى المعلمين وصغار الموظفين في اجهزة الدولة, داعيا اياها الى ادراك ان سوء الاوضاع الاقتصادية عند المواطن هو السبب الاساسي في المشاركة بالحراك الشعبي المعارض لها ولسياساتها!

يؤكد بيان الحزب ايضا ان اهم ما يغذي فكرة المعارضة لدى الشباب الاردني هو ما يراه من الفساد المستشري الذي يأكل الاخضر واليابس, وما يراه من بذخ وترف في بعض المؤسسات والرواتب والامتيازات العالية التي يحظى بها كبار المسؤولين, عدا عن سفرات الوفود الرسمية المبالغ فيها في اعدادها ومدتها وتكرارها على نحو يثير اشد التساؤلات في ظل الازمة المالية الحكومية, مشيرا الى استذكار العبرة التي قدمها رئيس الوزراء الياباني عندما تنازل عن راتبه لخزينة الدولة اثر الزلزال الذي تعرضت له اليابان! .

مثل هذه المواقف المطالبة بتخفيض الرواتب الكبرى في جهاز الدولة يفترض ان تصبح حالة عامة يجاهر بها الجميع, لان جميع الكتل النيابية مدعوة الى تبني هذا التوجه ردا على مطالبة بعض النواب بمساواة رواتبهم بالوزراء العاملين ومن حيث الراتب التقاعدي, وهذا ما ينطبق على كافة الاحزاب الاردنية التي لا بد وان تقترب اكثر من نبض الشارع الاردني وهموم مواطنيه الذين يرون انهم هم الذين يجب ان يتحملوا وحدهم نتائج العجز المالي والمديونية الهائلة, في حين ان الحكومات المتعاقبة التي اوصلت البلاد والعباد اليها تظل تنعم برواتب وامتيازات لا تتناسب مع الازمة المالية المستحكمة! .