نتاشا المعاني

أخبار البلد - رحلت سيدة اللوحة التي تنوعت فيها وجوه المرأة، من الراغبة بطعم اللون، إلى السارحة في دروب الحزن واللوعة، رحلت المرأة التي كانت تجعل من المعنى وردة في باحة الابتسامة، كي تجعل لاسمها حضوره الواقعي، فهي نتاشا المعاني.

كنت كلما أراها، أرى الطيبة في سكونها الأليف، وأرى المرأة التي تحزّمت باللون كي تكون من حارسات الفكرة الحرة، وهي القادمة من شمال القوقاز، لكنها تفتحت أردنية في الأردن، وقد عبرت نهره المبجل، لتكون فلسطينية في فلسطين . 
نتاشا أسقطت بلاهة التقسيمات الشوفينية وتجلت الإنسان الذي من أي مكان جاء، وفي أي مكان ولد، يظل هو الإنسان بهويته هذه، التي ستحمله سائرا في دروب الحق والعدل والجمال، والتي ستجعله يفرد للمساواة مكانها الرحب في نصوص التطلع والحرية .
لم تكن لتكره أحدا، ولم تمض في دروب الضغينة، وما رأيتها يوما إلا وكانت تحتفل بابتسامتها الودودة، التي لم تكن تسمح للحسيات المشوهة، أن تنال منها، وكانت هذه من علامات قوتها كامرأة، بكامل ثقتها بنفسها، فلا تخشى التأويلات المرهقة بخيالاتها المتقرحة . 
إنها الحرة، بقيمها الأخلاقية الرفيعة، والسيدة التي تعلقت في المعاني، لا في اسمها فحسب، وإنما في الحياة، وحيث المعنى غاية المريد .
وداعا نتاشا، لست أرثيك، بل هذه الكلمات حزن يتفلت كي يصبح باقة من ورد أريدها على قبرك هناك، وداعا أيتها الأخت الرحيمة، أيتها الصديقة الصدوقة وداعا.