"ميلاد" الأسير وليد دقة!
أخبار البلد - تكمن رمزية الأسير وليد دقّة بإرادته الانسانية المضادة للكسر، وعجز تكنولوجيا الصهيونية العنصرية الفاشية في صهر وعيه الوطني، فهذا الفلسطيني الذي رأى اضواء الحياة في بلدته باقة الغربية شمال فلسطين المحتلة منذ سنة 1948 والشاهد على حرب حزيران (النكسة) سنة 1967 وهو في أول سنوات طفولته، وعلى مجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982 وهو في العشرين من عمره والحاصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية، هو ذاته اسم حي مازال وسيبقى من رموز التحدي الفلسطيني في صراع الوجود الفلسطيني الأزلي مع الطارئ الاستعماري- الصهيوني عليها، وهو ذاته الفلسطيني الذي منح الحياة جمالا ومعنى يوم دوت صرخة ابنته (ميلاد) لتعلن انتصار والدها الأسير ووالدتها على منظومة الجريمة بحق الانسانية والإبادة، وكأنها قد تقمصت روح واحد من اطفال مخيمي صبرا وشاتيلا الذين دفعت دماؤهم المسفوكة وأجسادهم المسلوبة منها الحياة المكدسة فوق بعضها في زوايا الشوارع، دفعت والدها لخوض غمار ودروب الكفاح، فوليد الأسير ما كان يفكر بالذرية الحسنة وحسب عندما صمم على تهريب نطفة (الميلاد) رغم عيون وفولاذ المجرمين في المعتقلات، بل كبرهان على قانون انتصار الحياة على الموت، انتصار منطق السلام للإنسان والأرض، على الحروب وسفك الدماء، وانتصار الحقيقة الفلسطينية على باطل المستعمرين والغزاة، وليثبت للعالم أن الطغاة مهما استكبروا وتجبروا، فإن المؤمنين بحقهم اقوى، بفضل نقاء عقولهم وإراداتهم ومشيئتهم، فالأسير الذي تزوج الفلسطينية سناء سلامة في اروقة المعتقل بحضور اقل من عدد اصابع اليدين من افراد عائلته، بات والداً وما بينه وبين لحظة عناقه ميلاد -في ربيعها الثالث- دون حواجز إلا سلطة حكم اسرائيلي فاشية، قد تدفع رمزها الارهابي بن غفير لأكل اصابعه ندما عندما سمح الجلادون للأسير وليد بعقد قرانه في المعتقل دون السماح لهما بالاتصال الجسدي، لكن (ميلاد) البيولوجية هي تعبير نموذجي عن عشق الفلسطيني لأرض وطنه فلسطين حتى لو لم يطأها.. وله بنات من افكاره (كتب ومقالات وروايات) رغم المعاناة وقسوة الجلاد كيوميات المقاومة في جنين، الزمن الموازي، صهر الوعي، وحكاية سرّ الزيت، رواية لليافعين... فعن أي حق يتحدث الغزاة المستعمرون المحتلون، إذا كان الفلسطيني يقوم بعد كل مأساة ومجزرة ومذبحة ليثبت جدارته في الحياة، فهؤلاء لا يعدمون لظنهم أن الأسر والاعتقال حتى الموت اصعب، وحتى لا يمنحوا الفلسطيني الأسير شرف البطولة والخلود في ذاكرة الشعب، فإذا بالأسير الفلسطيني (الوليد) الذي لم تفلح المنظومة (بأسرلته) وإجهاض انتمائه، يخترق دوائر الموت الأصعب، ويمنحنا (الميلاد).