النقاء سيبقى سيد الموقف وعنوانه
أخبار البلد-
ما حصل في ملعب الرام: إستثنائي، غير مقبول، خارج عن المألوف، عن الود، عن طيب العلاقة التي تجمعنا كأردنيين وفلسطينيين، شرقي النهر مع غربيه.
صحيح أن كرة القدم، تفعل فعلها، الأسوأ، بين الفرق والمشجعين، بين الأخوة، بين أبناء الشعب الواحد، في البلد الواحد، في بلاد الدنيا تحصل مناوشات وتطاول على الحكم، على اللاعبين، ومن الجمهور على جمهور الخصم، ولكن الخصوصية التي بين الأردن وفلسطين، لا تسمح بهذا.
ما يجمعنا حميم، قوي، يتجاوز النتائج، والمباريات والتنافس، وهو قائم، والتنافس الرياضي شرعي ومطلوب، ولكن التطاول، مرفوض من أي كان لأي كان، فالشعب الفلسطيني تكفيه معاناة ووجع جراء الاحتلال.
لذا لم أستوعب، لم أقبل حيثيات ما حصل في ملعب الرام بين فريقي كرة القدم، ولا أعتقد أن ثمة عاقل وازن تجاوز حدوده وفعلها، بل لا اعتقد أن ردود الفعل كانت عفوية، بل ثمة عمل مشبوه، دوافعه غير نظيفة فعلت فعلها المقصود، خاصة وأن منطقة الرام في القدس مازالت تحت سلطات الاحتلال الأمنية، وهي مصنفة أمنياً أنها تتبع لسلطات الحكم العسكري الإسرائيلي، مما يجعل الشبهة والتخمين أن فعلاً إستخبارياً إسرائيلياً مقصوداً أدى دوره الخبيث في الوقائع وسيناريو النتائج.
عشرات المرات، لالاف الأردنيين في فلسطين، سواء في القدس، أو مناطق 48، أو النقب، أو نابلس، أو الخليل يجد الأردني نفسه محاطاً بالمحبة والتقدير العاليين لمجرد معرفة الفلسطيني لهوية الأردني، فيقع الترحيب والتقدير وتأدية الواجب العفوي الكريم، في شوارع القدس العتيقة، وحارات نابلس، وبيوت الخليل، وميادين الناصرة، وشواطئ يافا وحيفا وعكا، فالفلسطيني هناك يجد رئته هنا في الأردني، بحب ووعي وتوسل.
كنا في ديوان الشيخ برجس الحديد أبو نضال، رجل المهمات والمصالحات الاجتماعية الصعبة، الوازن، الرزين، النائب، العين، صاحب الأفضال في حل التعقيدات والمشاكل طوال حياته، وخلفه المهندس نضال الحديد رئيس نادي الفيصلي، حينما قال: "لدي يقين أن من فعلها مشبوه، مقصود، والجهلة أعطوه الفرصة، فالعلاقات الأسرية الأخوية، ما تجمعنا أقوى بكثير من أن يترك ذلك في نفوسنا كأردنيين وفلسطينيين، أي أثر لا يمكنه هز قوة التماسك والمصلحة بيننا، والدم الواحد الذي يجري في عروقنا".
وهكذا صدر بيان الفيصلي العاتب المعتذر، الراغب في تجاوز ما جرى، وهكذا ما يوازيه هنا وهناك.
أتذكر حينما كنت رئيساً لنادي مخيم الحسين، وكثيراً ما نتنافس على بطولة كرة الطائرة مع نادي الوحدات، نسمع تعليقات وهتافات مؤذية غير مهذبة متبادلة، نخجل من رفاق الإدارة لدى مجلسي الناديين، ولكنني كنت أوظف ما رسخ في ذهني في اللقاءات، حينما يحدث بين الوحدات والفيصلي، فأقول، ما يحدث بين أندية الوحدات والحسين والبقعة، أكثر وأقل، ويبقى في إطار الرياضة المشروعة بالحماس نحو الرغبة بالفوز ورفض الهزيمة، والتنافس بين الذات الواحدة المقسومة، بين الأخوة، ونخلص إلى القول: "يحدث في أرقى المجتمعات".
لعن الله من فعلها، ومن وظفها، ومن حاول استغلالها، فالنقاء سيبقى سيد الموقف بين عمان والقدس، كان وسيبقى وسيستمر.