من عبد اللطيف عربيّات الى سعد الكتاتني

من عبد الّلطيف عربيّات إلى سعد الكتاتني / محمد بدر
مزيج من المشاعر ازدحمت في داخلي وأنا استمع لرئيس السّنّ لمجلس الشّعب المصري ( مجلس الثّورة ) وهو يُعلن عن فوز الدكتور محمد سعد الكتاتني برئاسة المجلس ويدعوه لتسلّم موقعه ويجلس في مكان لم يكن أحد يخطر له ولو في أحلام اليقظة أن يكون هذا الموقع من نصيب أحد المعارضين فضلا عن الإسلاميين . ينتقل من صفوف المعارضة والمطاردة والسّجن إلى رئاسة السّلطة التّشريعيّة .
و ما أن تمّ اختيار الإسلاميّ الدكتور سعد الكتاتني رئيسا لمجلس الشّعب المصري أوّل مجلس منتخب بعد الثّورة الّتي أطاحت بفرعون العصر اثر انتخابات حرّة فاز فيها التيّار الإسلاميّ فوزا كبيرا حتى عادت بي الذّاكرة للعام 1990 حين أصبح الإسلاميّ الئدكتور عبد اللطيف عربيّات رئيسا لمجلس النّواب الأردنيّ ممثّلا لأكبر كتلة برلمانيّة في مجلس النّواب الحادي عشر . ولقد كان للراحل الكبير المرحوم النائب عبد المجيد الشريدة دور كبير في ذلك فقد ألقى كلمة مؤثّرة أعلن فيها أحقيّة الدكتور عبد اللطيف عربيات بهذا الموقع كرئيس لأكبر كتلة برلمانيّة .
وان كانت تجربة الدكتور عربيّات مخزونة في الذّاكرة منذ عقدين ويمكن استدعاءها ودراستها ، فهو قامة وطنيّة وإسلاميّة كبيرة أظهر حنكة وحكمة من خلال المواقع المتنوّعة الّتي شغلها . فانّ رئاسة الكتاتني ما زالت حديثة . ولقد تابعت إدارته للجلسات خلال هذه الفترة فتمكّنت من تكوين فكرّة عامّة إلاّ أنّها واضحة .أظهرت وعيا وسعة صدر وقدرة على التّعاون والتّعامل مع مختلف التّيارات والأفراد . وعند محاولة المقارنة بين التّجربتين لا بُدّ من التّمهيد ببيان الأرضيّة المشتركة بين الرّجلين وبالتّالي بين التّجربتين .
فالرّجلان ينتميان إلى تيار إسلاميّ معتدل يقدّم فهما وسطيّا شموليّا واعيا للإسلام ، وهذا التيّار تمكّن وعلى مدار السّنين من عمل قاعدة شعبيّة واسعة لدى أوساط كافّة الطّبقات الشّعبيّة .
وهما يجمعان ثقافة دينيّة واسعة إضافة إلى تعليم عال في أعرق الجامعات الأمريكيّة فمزجا بين أحدث ما توصّل إليه الغرب علميّا والثّقافة العربيّة الإسلامية ، فالمسلم يبحث عن الحقيقة والأفضل فأنّى وجدها سعى إليها فهو أحقّ بها دون انغلاق أو ذوبان
تمكّن الرّجلان من قيادة المؤسّسة التّشريعيّة الأولى في ظل أوضاع ليست مثاليّة بكفاءة وتمتّعا بسعة الصّدر وطول النّفس والحكمة دون تحيّز أو استئثار . إنّ اتّصاف كلا الرّجلين بالهدوء وعدم سهولة الاستفزاز مع الحزم مكّنهما من إدارة جلسات فيها تنوّع وتعدّد في الآراء والاجتهادات .
إنّ هذا التّيّار العريض تمكّن من تربية رجال في مختلف التّخصّصات قادرين على القيام بأدوار مختلفة بأمانة واقتدار خدمة للشّعب والمجتمع بأداء راق يلتزم أدب وحدود الإسلام العظيم . ممّا يُدلّل على أنّ الإسلام دين ودنيا وليس علما ونظريّات في كتب تملأ المكتبات أو أحكاما فقهيّة تستدعى عند الحاجة لها . فنبّيّ الإسلام صلوات الله وسلامه عليه وكبار المصلحين حرصوا على بناء الإنسان فهو من سيقوم عليه بناء الإسلام العظيم وهو من سيبني الدّولة القادرة العادلة وحتى يتحوّل إلى واقع في حياة البشر .
إنّ المنهج الذي يلتزمه الرجلان يقوم على المشاركة لا المُغالبة وعلى القواسم المشتركة والاستفادة من كلّ الطّاقات والتّعاون مع الجميع لما فيه خير الوطن وصالح المجتمع . وهي تجربة بين يدي الباحثين والمحللين والتاريخ .
abo_ossama1@yahoo.com