باشاوات خلف القضبان بإرادة ملكية

 
دعونا في البداية نعترف بأن موضوع الفساد ومكافحته اعطانا زخما في الكتابة فلم نعد نفكر ماذا نكتب فإذا عجزت عن اختيار موضوع تكتب عنه فكتب عن الفساد .
فهو اسهل شيء يُكتب عنه ولكنه اصعب شيء بنتائجه .
منذ عام والمواطن يتحدث بشكل مكثف عن الفساد في كل جلسة خاصة او عامة الجميع يتحدث عن الفساد من يعرف ومن لا يعرف من يمتلك المعلومة ومن لا يمتلك فلا يجوز لاحد ان يقول لا اعرف .
عندما كتبت موضوعا بتاريخ 20/1/2012 بعنوان فتح قضايا فساد كبرى حال عودة الملك من واشنطن و تحدثت به بالذات عن فتح ملف محمد الذهبي وباسم عوض الله .
وبعدها وبكل جلسة كنت بها كنت اُسأل هل هذه المعلومات دقيقة فأقول نعم فيقول السائل بأنه يشك بأن يتم التحقيق او محاكمة او حتى فتح ملف الذهبي او باسم عوض الله .
ويبدأ الغمز واللمز من الحضور والذي نعرف الى اين يصل به خيال البعض بالتشكيك والتهم .
تم تجميع الوثائق والبينات والتحقيقات من قبل القضاء و التي تدين الذهبي رغم ان الرجل كان يهدد اينما جلس بأنه اذا طُلب للتحقيق سيفتح ملفات كثيرة والتي لا يملك منها الا خياله الخصب .
قبل حوالي اسبوع تقريبا استقبل الملك رئيس المجلس القضائي القاضي محمد المحاميد وخلال اللقاء وضع المحاميد الملك بتفاصيل تحقيق الادعاء العام بقضية الذهبي وبأن كل الدلائل تشير الى تورط مدير الخابرات الاسبق بتهم غسيل الاموال واستثمار الوظيفة وذلك بعد الاستماع لعدد من الشهود وتحريك الشكوى من البنك المركزي .
ليس سهلاً ان يُوقف القضاء المدني مديرا للمخابرات العامة , فكان لابد من وضع الملك بكل التفاصيل .
وكان كلام الملك لرئيس المجلس القضائي واضحا وشفافاً بأن لا احد فوق القانون ان كان مديراً للمخابرات او وزيراً او رئيس وزراء او حتى اميراً .
فالقانون يطبق على الجميع من يخطئ بحق الدولة او بحق المواطن عليه ان يأخذ جزائه العادل والقضاء هو صاحب الكلمة الاخيرة بشرط ان لا يظلم احد .
خرج القاضي المحاميد من لقاء الملك وكله ثقة بإرادة الملك القوية بمحاسبة الفاسدين ومن يثبت عليهم ذلك .
وكانت اوراق القضية والتحقيق جاهزة ومكتملة منذ يوم الاثنين 6/2/2012 وكان قاضي التحقيق محمد الصوراني ينتظر ان يرسل استدعاء للذهبي وقد ارتأى بعد ان استمع لكلام رئيس المجلس القضائي ان يكون الاستدعاء يوم الخميس الساعة العاشرة صباحا وكل الوثائق التحقيقية التي كانت امام قاضي التحقيق تدين الذهبي ولكن لعدالة القضاء استمع لدفاع الذهبي عن نفسه بالتهم التي وجهت له وهي غسيل اموال واستثمار الوظيفة .
ولكن الذهبي تفاجئ بالمعلومات التحقيقية الموجودة لدى القاضي بملف القضية وفي الساعة الثانية عشر ونصف و بعد ساعتين ونصف من التحقيق اصدر القاضي الصوراني قراراً بتوقيف الفريق المتقاعد محمد الذهبي اربعة عشر يوما بسجن الجويدة على ذمة التحقيق .
وكان توقيفه يوم الخميس مقصودا حتى لا يتم تقديم طلب لتكفيله او تدخل من اي واسطة الا يوم الاحد و حتى يوم الاحد سترفض الكفالة ولن يكفل هذا الاسبوع اطلاقا .
وبفتح ملف فساد محمد الذهبي وهو من الملفات المطلوبة بالشارع تكون الحكومة وبإرادة ودعم ملكي قد انجزت ملفاً كان يعتقد البعض بأنه خط احمر .
ولكن الشارع ايضا ينتظر ان يرى باسم عوض الله خلف القضبان بمحاكمة عادلة له ولكل الفاسدين الذين افسدو هذا البلد بمرحلة من المراحل .
نتمنى ان يتعلم المسؤولين جميعا بأن القانون فوق الجميع ولا احد فوقه, وبأن الظلم من الظلمات ومهما طال الزمن سيشرب البعض من نفس الكأس وربما ينام مسؤولاً على سرير سجين سُجن ظلما على يده عندما كان بالسلطة ولكن الايام اثبتت بأنه فاسد وبأن ذاك السجين اشرف منه وان عدل الله فوق الجميع .
وليعلم الجميع لولا إردة الملك شخصياً وتوجيهاته للقضاء ولهيئة مكافحة الفساد والحكومة بمحاربة الفساد وتجفيف منابعه لما وصلنا الى هنا .
وحتى يعلم الجميع بأن الملك فوق كل التحليلات والاقاويل والتي يحلو للبعض ان يشطح بخياله بها بعيدا بعيدا بعيدا...