تقسيم الدوائر المحلية قبل الانتخابات
أخبار البلد - انتهت قبل أيام المهلة الزمنية التي حددها قانون الأحزاب السياسية الجديد رقم (7) لسنة 2022 للأحزاب المؤَّسسة قبل سريان أحكامه لكي تقوم بتصويب أوضاعها، والتي جرى تحديد مدتها بسنة شمسية واحدة بدأت من تاريخ نفاذ القانون في شهر أيار من عام 2022. وفي ضوء ذلك، صدر القرار بحل الأحزاب السياسية التي لم تقم بعقد مؤتمرها العام خلال مدة السنة المقررة، ووفق الشروط والأحكام التي تطلبها القانون الجديد، والتي تتمثل باشتراط عدد معين من الأعضاء المؤسسين ونسبة محددة لكل من الشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة.
وبهذا تكون كافة التشريعات التي أقرتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من تعديلات دستورية وقانوني انتخاب وأحزاب سياسية جديدين قد دخلت حيز النفاذ بكافة نصوصها وأحكامها، وهذا ما دفع المتابعون والمحللون السياسييون إلى التكهن بطبيعة الخطوة القادمة، والتي يرون أنه سيتم حل مجلس النواب الحالي والدعوى لانتخابات برلمانية لاختيار مجلس النواب العشرين وفقا للتشريعات السياسية الجديدة.
إن التوقعات الشعبية والسياسية بقرب رحيل مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية خلال الأشهر القليلة المقبلة لها ما يبررها من الناحية الواقعية، حيث انتهت المدة الزمنية التي كانت تشكل عائقا قانونيا أمام حل المجلس النيابي الحالي، إذ لم يكن بالإمكان الحديث عن إجراء انتخابات فيها مقاعد نيابية مخصصة للأحزاب السياسية، والفرصة كانت لا تزال قائمة أمام بعض الأحزاب المسجلة لتصويب أوضاعها.
في المقابل، يتبقى هناك عقبة تشريعية قائمة تحول دون الحديث عن قُرب إجراء انتخابات تشريعية، تتمثل بضرورة أن تبادر الحكومة إلى إصدار نظام جديد للدوائر الانتخابية، وذلك تنفيذا لأحكام المادة (8) من قانون الانتخاب الجديد لعام 2022، التي قسمت المملكة إلى ثماني عشرة دائرة انتخابية محلية ودائرة انتخابية عامة واحدة على مستوى المملكة، وقسمت كل من العاصمة عمان إلى ثلاث دوائر انتخابية محلية، ومحافظة إربد إلى دائرتين انتخابيتين محليتين.
إن نظام الدوائر الانتخابية الحالي لعام 2016 لا يصلح لإجراء الانتخابات النيابية القادمة بالاستناد إليه، فهو قد صدر تطبيقا لأحكام قانون الانتخاب القديم الذي كان يُقسم كل من العاصمة وإربد والزرقاء إلى دوائر انتخابية محلية، وهو الأمر الذي جرى مراجعته في القانون الحالي لصالح اعتبار محافظة الزرقاء دائرة انتخابية واحدة، وتقسيم كل من العاصمة عمان وإربد لدوائر انتخابية محلية.
ومن خلال استعراض نصوص قانون الانتخاب الحالي لعام 2022، نجد بأنه يختلف عن سابقه فيما يخص الإشارة إلى حق مجلس الوزراء في إصدار نظام لتقسيم الدوائر الانتخابية. فالقانون القديم لعام 2016 كان يُعرّف الدائرة الانتخابية بأنها جزء من المملكة خُصِص له عدد من المقاعد النيابية وفق أحكام القانون والنظام الصادر بمقتضاه، وأن المادة (8/أ) منه كانت تنص على أن تُقسّم المملكة إلى دوائر انتخابية يُخصص لها مائة وخمسة عشر مقعدا وفقا لنظام خاص يصدر لهذه الغاية.
أما قانون الانتخاب الحالي، فقد أزال كافة الإشارات السابقة إلى ضرورة تقسيم الدوائر الانتخابية بموجب نظام تنفيذي يصدر لهذه الغاية. فقد عرّف الدائرة الانتخابية المحلية بأنها جزء من المملكة خُصِص له عدد من المقاعد النيابية وفقا لأحكام القانون بما فيها دوائر البادية، كما أن المادة (8) منه المتعلقة بتقسيم الدوائر المحلية لم تشر إلى وجوب إصدار نظام خاص بتقسيمها، وذلك أسوة بالقانون القديم.
إلا أن غياب الأساس التشريعي الناظم لتقسيم الدوائر الانتخابية المحلية، لا يحرم مجلس الوزراء من حقه الدستوري في إصدار نظام خاص لتحديد هذه الدوائر لغايات تنفيذ أحكام القانون، حيث يمكن لمجلس الوزراء أن يستند إلى أحكام المادة (74) من قانون الانتخاب الحالي لإصدار نظام الدوائر الانتخابية، والتي تنص على أن رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ أحكام القانون. فكما هو معلوم دستوريا أن آلية تنفيذ القانون تكون من خلال إصدار أنظمة تنفيذية من قبل مجلس الوزراء ويصادق عليها جلالة الملك، وذلك بالاستناد لأحكام المادة (31) من ?لدستور.
كما وردت إشارة واضحة إلى نظام الدوائر الانتخابية في المادة (4/ج) من قانون الانتخاب الحالي، والتي تنص على أن تقوم دائرة الأحوال المدنية والجوازات بإعداد جداول الناخبين لأبناء البادية وذلك وفقا لأسماء العشائر الواردة في نظام الدوائر الانتخابية الصادر بمقتضى أحكام هذا القانون.
إن عدم صدور نظام جديد للدوائر الانتخابية حتى تاريخه يعني بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن خطوة حل مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية جديدة، وذلك لعدم اكتمال المنظومة التشريعية التي تحكم إجراء الانتخابات التشريعية في الأردن.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية