الإسلاميون ليسوا مع تأخير الانتخابات
الإسلاميون وضعوا رؤيتهم للإصلاح بوضوح تام, فهم يرون أنّ الإصلاح المطلوب يجب أن يكون عميقاً وجذريّاً, يقوم على إحداث تغيير جوهري في إدارة الدولة, بحيث تتغير منهجية تشكيل الحكومات لتصبح إفرازاً شعبيّاً ديمقراطيّاً من خلال صناديق الاقتراع كل دورة انتخابية.
هذه الرؤية ليست بدعاً من البشر, وليست معقدة إلى تلك الدرجة التي تحتاج إلى إعادة التوضيح والتكرار, فالنماذج الديمقراطية موجودة في العالم, وهي مقروءة ومشاهدة للصغير والكبير, ولكن الحوار منصب على طريقة التغيير ومنهجيته, وهنا لا بد من التركيز على منهج التغيير الشعبي السلمي وعدم اللجوء إلى العنف, وعدم الانجرار إلى الاستفزاز, مع إعلان الرضى بمنهج التشارك مع جميع القوى السياسية الفاعلة التي تعمل بجديّة نحو الانتقال إلى الديمقراطية والإصلاح الحقيقي الذي يمكّن الشعب الأردني من أن يكون صاحب السلطة ومصدرها بلا منازع, ودون استبعاد أي طرف, ودون ذهابٍ إلى الفوضى, وعدم رفع شعار "إسقاط النظام".
وسلطة الشعب تتجلّى في ثلاثة أمور كبيرة:
الأمر الأول: أن تصبح الحكومة إفرازاً انتخابياً, بحيث يتم تشكيل الحكومة من الكتلة التي تحوز على أغلب المقاعد البرلمانية, وهذا يحتاج إلى نص دستوري محكم يضمن للشعب حقه الأصيل في تشكيل الحكومة, مع التركيز على أنّ الحكومة ينبغي أن تمارس كامل صلاحياتها الدستورية في إدارة جميع شؤون الدولة, المدنية والعسكرية, الداخلية والخارجية, بلا استثناء.
الأمر الثاني: أن يتمكن الشعب الأردني من إفراز السلطة التشريعية وفقاً لقانون عادل يكرس التنافس بين الكتل السياسية والقوائم الحزبية وبين البرامج المطروحة لإدارة الدولة تحت إشراف الهيئة المستقلة ورقابتها الكاملة والفاعلة, وهنا يجب إلغاء مجلس الأعيان, أو أن يصبح منتخباً من الشعب الأردني وفقاً لقانون وشروط خاصة, مع التأكيد أنّ مجلس الأمّة سيد نفسه ومحصن من الحلّ, وهو الذي يملك حق إجراء انتخابات مبكرة إذا اقتضت الضرورة ذلك.
الأمر الثالث: السلطة القضائية يجب أن تتمتع باستقلال تام من حيث قدرة الجسم القضائي على انتخاب المجلس القضائي الأعلى ورئيس المجلس, ويصبح المجلس القضائي المنتخب صاحب الولاية التامّة على هذا الجسم بدون تدخل السلطة التنفيذية.
وهذا كلّه يجب أن يتمّ عبر إصلاح دستوري, يضمن هذه الأمور الثلاثة, ولم يدع الإسلاميون إلى تأخير الانتخابات ولم ينقلبوا على حراك الشارع كما سارع بعضهم إلى الاتهام, وإنّما يصب الإسلاميون تركيزهم على أولوية إجراء هذا الإصلاح الدستوري الذي يمثل رؤية الحركة للإصلاح, التي ينبغي أن يتم التوافق عليها مع جميع قوى الشعب الأردني ومكوناته.