هل «أّفلَ».. نجم «الأردوغانِيّة»؟

أخبار البلد - إذا كان من المُبكر نعيّ المستقبل السياسي للرئيس المُنتهية ولايته أردوغان, إلا أن نتائج انتخابات الرابع عشر من أيّار و«الأرقام» التي حصل عليها الرئيس التركي في الانتخابات الرئاسية تماماً كما الأرقام التي حازها حزبه/العدالة والتنمية, في إطار تحالف «الجمهور» الذي جمعه منذ سنوات مع الحركة القومية اليمينية بزعامة دولت بهشلي، تؤكد تراجُع التأييد الشعبي للرئيس, الذي سطع نجمه بداية القرن الجاري، وبخاصة بعد قيامه بتصفية كل مُنافسيه داخل الحزب, الذين شاركوه «مؤامرة» الانشقاق على «أب» الإسلام السياسي التركي/نجم الدين?أربكان, مُطلقين على حزبهم الجديد اسم «العدالة والتنمية", بأيديولوجية إسلامية شبه مُعتدلة, استبطنت من بين أمور أخرى مُخاطبة المعسكر الغربي وخصوصاً الولايات المتحدة, التي جاء رئيسها/أوباما في نيسان 2009، زائراً لأول مرة دولة إسلامية هي تركيا, العضو في حلف شمال الأطلسي/الناتو، (تلتها زيارة أوباما لمصر وخطابه الشهير في جامعة القاهرة/4 حزيران 2009).

ما علينا..

لم يكن مشوار أردوغان السياسي الداخلي وخصوصاً الانتخابي صعباً, منذ تولّى رئاسة الحكومة وبعدها رئاسة الجمهورية بنظامها البرلماني ولاحقاً الرئاسي، بل كان سهلا ويسيراً، حيث سادت عبارة واحدة قبل أي انتخابات أو استفتاء تقول: ليس السؤال ما إذا كان أردوغان سيفوز أم لا؟، بل السؤال هو: ما النسبة التي سيحصل عليها؟. لكن المشهد اختلف تماماً يوم الأحد الماضي. حيث برز حجم الرفض الشعبي لسياسات أردوغان الداخلية, على نحو كان يُمكن أن لا يكون هناك جولة ثانية، لو أن تحالف الطاولة السداسية (تحالف الأُمَّة)، أدار معركته بأساليب?ومقاربات مختلفة, ناهيك لو كان نجحَ في استقطاب «المُنشقّ» عن حزب الشعب الجمهوري/مُحرم إنجه، قبل انسحابه تحت وطأة فيديوهات جِنسية مُسرَّبة, وحصوله رغم انسحابه على 43ر0%, ناهيك المنشق الآخر الذي وصفَه مراقبون أتراك بأنه «مفاجأة الانتخابات الرئاسية» عندما حاز على 3ر5%.

وإذ لم تعُد أهمية للتبريرات أو الاستخدام المُفرط لـ«حرّفيّ..لَوّ»، فإن قراءة متأنية في ما أفرزته الانتخابات الرئاسية/والبرلمانية التركية, تكشف من بين أمور أخرى خاصة في ضوء النتائج النهائية للانتخابات. حالاً غير مسبوقة من الإستقطاب الحاد أفقياً وعامودياً, تكاد تكون مُناصفة بين مؤيدي «الأردوغانية» ذات التوجّهات الإسلاموية المُتذبذبة بطابعها الانتهازي المُتقلب, وأُولئك الذي يؤيد بعضهم العلمانية وبعضهم الآخر يؤيد توجهات إسلامية او قومية (تركية وكردية وعربية وأرمنية) دون تجاهل المجموعات اليسارية, حيث التقوا جمي?اً في تحالفيْن رئيسيّيْن. الأول تحالف الطاولة السداسية (الأُمَّة/الشعب), وتحالف العمل والحرية (الكردي - اليساري).

هل فاز تحالف أردوغان بالأغلبية.. برلمانياً؟.

لا داعي هنا – تقول الأرقام وليس نحن - في المُبالغة بالاحتفال.. إذ أن أغلبية 322 مقعداً من أصل 600 مقعد هي مقاعد البرلمان التركي، لا تُشكّل مصدر قوة «تشريعية» حقيقية, بيد تحالف الجمهور (العدالة والتنمية +الحركة القومية), حيث في ظل النظام الرئاسي تحتاج الدعوة لإجراء أي «إستفتاء» إلى أغلبية 360صوتاً، أمّا - وهذا هو الأهم - وأن أردوغان كان «تعهّد» كتابة «دستور جديد», فإنه يحتاج إلى موافقة «ثُلثي» الأعضاء أي 400 صوت، وهذا غير متوفر لأردوغان وحزبه. ما يُبقي على البرلمان مُجرد ندوة نقاشية لتمرير قوانين داخلية غير?حاسمة، بعد أن كان (البرلمان) ينهض بدور حيوي في ظل النظام البرلماني, الذي أطاحه أردوغان, عندما كان قادرا (البرلمان)على سحب الثقة بأي وزير أو حكومة إذا ما توفّرت أغلبية للداعين إلى إجراء كهذا.

أين من هناك؟.

ثمّة أربعة عشر يوماً للدعاية الانتخابية بدأت «رسمياً» مُباشرة بعد إعلان النتائج النهائية لانتخابات الأحد الماضي. رغم أن الرئيس أردوغان كان أعلن بعد إغلاق الصناديق أمام جمهور حزبه عن «إيمانه بانه باقٍ في موقعه لخمس سنوات مقبلات»، ما اعتبره منافسون «قرصَنة لنتائج لم تظهر بعد».

لن يتوقف أردوغان وانصاره كما منافسه كمال أوغلو وتحالف الطاولة السداسية, عن دراسة وتحليل النتائج والأرقام التي افرزتها الصناديق، وبخاصة في عدم رهان المُعسكريْن على شركات الإستطلاعات, التي كانت الخاسر الأكبر في الانتخابات بعد أن ثبت أنها كانت تُعطي لكل «معسكر» الأرقام والنِسب التي تدغدغ مشاعره. حدث هذا مع أردوغان تماماً كما مع كمال أوغلو, الذي كان قال أكثر من مرة أنه سيفوز من الجولة الأولى. فيما كان اردوغان «مُطمئناً» إلى هزيمة منافسه بأرقام ونِسب صادمة، لكن ذلك لم يحدث؟.

سياسيّاً لدى أردوغان «ورقة» ثمينة حاول استخدامها قبل الانتخابات لكنه فشِل, وما تزال الفرصة متاحة امامه لاستخدامها (حقاً وليس مناورة كما رام قبل الانتخابات), وهي إعلان موافقته على تقديم برنامج زمني مُلزم لانسحاب قواته من سوريا، كشرط سوري لترتيب قمّة «رباعية» في موسكو, يحضرها قادة ثلاثي استانا، بوتين، رئيسي وأردوغان, والرئيس السوري.

هل يفعلها؟.

الأيام المُقبلة.. ستقول.