جبل الصوّان الذي أدمى جبهات الشعب.. والحل في يد الملك..
اخبار البلد- كتب - موسى الصبيحي -هذه أفصح عبارة يمكن أن نصف فيها الأوضاع الجارية في البلاد، في ظل مرحلة خطرة للغاية، الكل فيها يشعر أنه على صواب وغيره على خطأ، والكل فيها يشعر أنه مظلوم وغيره ظالم، والكل فيها يشعر أنه بريء وغيره متهم، ومن غير المعقول أن نشاهد في الوقت ذاته السلطات المختلفة في حالة شلل شبه كاملة، جعلتها ليس فقط عاجزة عن مواجهة الأزمات وحلها، بل سبباً في تعقيدها ومفاقمتها..!!
الحكومة الحالية أوقعت البلاد في أزمة غير مسبوقة تحت شعار ما يسمى بـ "إعادة الهيكلة" بتقديمها لنظام غير مفهوم ولا "مهضوم" أوقف مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة التعليمية، وأدى إلى خلق حالة احتقان حادّة في الكثير من المؤسسات ولدى أوساط واسعة من موظفي القطاع العام، في الوقت الذي كنّا نسمع فيه على ألسنة "عباقرة" هذا الاختراع القميء المسمى "هيكلة" أنها ستكون مُرضية للغالبية العظمى من موظفي الدولة، أي لما يقرب من (180) ألف موظف، ولكن المفاجأة أنها أغضبت الغالبية العظمى، وأوغلت صدورهم عليها، ودفعت إلى مزيد من التعطيل لمرافق الدولة المختلفة..!!
هذا مثال واحد فقط لكنه صارخ على المفاقمة والتعقيد في مواجهة المشكلات والأزمات التي تعصف بالدولة، مما يحتاج إلى تفكير من نوع مختلف وغير تقليدي من أجل حلّها، وكثيراً ما كنا نقول بأن الأسباب الرئيسة الكامنة وراء أجواء الاحتقان الشعبي هنا أو هناك مردّها سلوكيات وممارسات غير مسؤولة وغير حكيمة لمسؤولين ووزراء، تم توزيرهم علينا، ولمّا تنضج أفكارهم بعد، فأوقعوا البلد في أزمات ومصائب، فلطالما شاهدنا مسؤولين لا يتقنون فن التعامل مع الشعب، بل لا يفهمون الناس، وكثيراً مع يتعاملون معهم بأسلوب ينم عن تعالٍ وكبرياء زائفة..!
وبينما الملك يوجّه حكوماته إلى العمل المخلص الجاد لتحسين ظروف معيشة المواطن، نجده يتحرك في البلاد هنا وهناك متحدثاً إلى شعبه، متحسساً هموم الناس وبعض معاناتهم، ولكن المشكلات كثيرة، والمعاناة كبيرة، والظروف خطيرة.. والحكومات مشلولة وكسيرة، فما العمل إذن..؟!
الفاسدون إلى السجون، وتصويب المسيرة يحتاج إلى رؤية، وتعطيل الحياة العامة ومواجهة حالة الغضب والاستياء الشعبي تحتاج إلى عدالة اجتماعية، والهيكلة الملعونة تحتاج إلى مراجعة، والحكومة الحالية نفسها تحتاج إلى تعديل أو إعادة هيكلة أو ترحيل، أما التشريعات فتحتاج إلى عين فقهية عادلة وحكيمة حتى تكون منصفة للناس وقادرة على إحداث المواءمة مع فرضيات العقد الاجتماعي بين الشعب والسلطة والدولة..
أنّى نظرنا إلى الأزمة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وتعليمياً وإدارياً وأمنياً، فإن العيون تتجه إلى الملك، رأس الدولة ورأس سلطاتها: أن الحل بيدك، وأننا كشعب سنتقبل ونساعد في إنجاح الحلول، فقط ما نريده هو وقف حالتي الخواء والإستقواء اللتين أدخلتا البلد في صراع مع جبل صُوّان شجّ رؤوس أبناء الشعب وأدمى جبهاتهم..!!
الحل بيدك يا سيد البلاد، وإن أصعب ما يواجه المرء في حياته، شعوره بالظلم والضيم والقهر والفقر والإهانة.. وإن شرائح كبيرة من أبناء شعبك لينتابها هذا الشعور.. فأي ضوء أحمر أخطر من هذا الضوء حتى نسارع ونراجع كل مفردات المسيرة..
سيدي جلالة الملك: لأننا نحب الأردن، نريد لمسيرة الإصلاح أن تكون حكيمة وأمينة وواعية بلا تنطع، ونريد لحكوماتنا أن ترقى بتفكيرها وممارساتها ومسؤولياتها وأقوالها إلى الدرجة التي تؤهلها للحفاظ على هيبتها، وأيما حكومة تفقد هيبتها لدى الشعب، فلن تكون قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها مهما فعلت، حتى لو اجترحت المعجزات..!!
سيدي الملك: إذا كان الشارع يغلي، فإن الحل في يدك.. ولأن الشعب كان دائماً محباً لملوكه الهاشميين، فإن وقف حالتي الخواء والاستقواء، ولا يوقفها غيرك، سوف يكون بداية حل كريم وحاسم وانفراج لأزمات البلاد..!