فضاء مفتوح بلا ضابط

أخبار البلد- لا يدهشني بتاتا أن يدّعي الفضيلة بنصحهِ من يغرق بالرذيلة، ولن يدهشني مروج رسالة النصح والمصلحة هو ذاته مروج بضاعة مغشوشة يبيعها في "دكان بيته”، ولن أستغرب أن يكون كبيرا هنا صغيرا في قومه، ولن أستهجن دور مرشدٍ لمصلحةٍ أو ناقلٍ لصورةِ تقصيرٍ أن يكون عاجزاً في إصلاح أبنائه أو عمله، ولكن أقول ارحمونا "حارتنا ضيقة” فنحن نعلم حتى متى جدُّ أحدكم قد تغلب على جَدّ الآخر في لعبة حارة شعبية في زمنه، ونملك قدرة عدّ مناقب سيرة حياتكم.
اليوم أن تكون صادقاً مباشراً واضحاً أمراً ليس بهين، وتبعياته غير منتهية، حتى أنها تتجاوزك شخصياً وتتجاوز زمانك لتطال من هم بمحيطك، وعلاج ذلك ليس سهلاً، وأن تكون قادراً بفطرتك وخبرتك على رؤية حقيقة الأشخاص أمراً ليس مريحاً في كل الأحيان، حتى إنه يجعلك تهجر الكثيرين! وأن تقرأ الأشخاص وتزن قولهم وسلوكهم أمراً يجعلك ترغب بالعيش في جزيرة أو مدينة ليس فيها من محيطك لما فيهم من نفاق، هذه الحياة ليست حقيقية في مجتمع التواصل والفضاء الإلكتروني، الذي مكّن عالم الذرة أن يتحدث ويفتي في وصفة قلاية البندورة وهي علم بحد ذاته! وأن يكون أعظم المهندسين خبيراً في المعجنات وكلنا يعلم صعوبة إعدادها! وحتى أبعد من ذلك، ففي يوم رأيت أعظم الأطباء يتمكن من خياطة زر قميصه على صفحته الخاصة!! هوس غير متزن في الفضاء الإلكتروني!
عالم متشابك، وسلوك غريب لكثيرين، وفك خيوطه أصعب من سحر أسود، ولا مكان فيه إلا لمهرج!! فالكل يلبس الأقنعة، ويحمل بين يديه أداة هي الأخطر في عالمنا، حتى أنهم تجاوزوا بما يبثون من "هطل وهمبكات” مهارات أعظم القادة زمن الحرب الباردة، نعم؛ هذا زمن سلاحه ليس الوعي والحرص، بل سرعة الانتشار والهفوات ولا غاية سوى جمع اللايكات، سلاح فيه الكثيرون اصبحوا مؤثرين على المجتمع ولكن سلباً.
نعم؛ عندما تكون متابعاً واعياً للمجموعات والمواقع والصفحات الإلكترونية تضحك كثيراً دون توقف! خاصة عندما يتنطح من عرفنا شكل يومه وتاريخ سلوكه، وتضحك أكثر عندما يُقنعُ شخص نفسه أنه مؤثر أو مدون يقود المجتمع، وهو غير قادر على تعديل سلوكه، وتضحكون أكثر عندما يظن من أنشأ صفحة إلكترونية أو كان يملك تطبيق واتس آب أنه أنشأ كيان وصفة وتمثيل، وأشد ما يزعجني أنه قبل برهة أو يوم أو أكثر تختلط برمجة عقولنا لمن نقرأ أو نسمع أو نشهد له كلمة وصوتاً وصورة بين نقيضين في أقل من دقيقة! نعم؛ تختلط برمجة عقولنا العصبية لأننا نعرفهم ونشهد تشدقهم وفراغ عقولهم، وإن سألني أحد هل تقصد أحدا بعينه لن أتردد وأقول أقصد الكثيرين بعينهم.
ونقول لكل هؤلاء وحتى من يهتم بهم كما يقول حكيم زمانه في زهوة غنائه الفنان الكبير المؤثر شعبولا "بس خلاص”.