ماذا بعد عودة الاغتيالات و«عِلمِ» واشنطن بها؟

أخبار البلد - بمشاركة «40» طائرة ومروحية ومُسيّرة ارتكبت دولة العدو الصهيوني, مجزرة موصوفة في قطاع غزة المُحاصر والمُجوَّع والمُفقّر، اسمتها «السهم الواقي» تذكيراً وقياساً على الاجتياح الواسع الذي نفّذه مجرم الحرب شارون في 29 آذار2002. ذلك الاجتياح الذي «دفن» فيه شارون اتفاق أوسلو وإعادة احتلال مدن الضفة الغربية, بل كامل مناطق «A» وفق اوسلو للمنطقة التي يُحظر على جيش العدو دخولها. حيث تقع تحت سلطة الحكم الذاتي أمنيّاً وإداريّاً. وهو ما واصل جيش العدو القيام به حتى اليوم باجتياحه مدينة نابلس المُستباحة لإرهابه, مباشرة بع? تنفيذه جريمة اغتيال «13» فلسطينياً من الرجال والنساء والأطفال.

وإذا كانت وسائل الإعلام الصهيونية قد بدأت منذ إنتهاء عملية القتل التي قارفها جيش الإرهاب الصهيوني, على نحو بات مؤكداً وفق القناة «السابعة» الإسرائيلية أن عملية «دِرع وسهم» قد تم التخطيط لها مُسبقاً وأن قرار تنفيذها اتخذ يوم الجمعة الماضي, كاشفة النقاب أن حكومة نتنياهو «أطلعتْ» الولايات المتحدة على العملية المُخططة لها في غزَّة، فإن إعادة واشنطن أُسطوانتها المشروخة عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، إنما يعكس تواطئاً مع دولة الاحتلال إذ كان بمقدورها منع ذلك العدوان, خاصة في ظل «الوساطات» التي تقوم بها عواص? إقليمية ووسط أنباء عن احتمال عقد «هدنة» طويلة, بعد تدهور الأوضاع إثر استشهاد خضر عدنان أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي، وتبادل القصف الصاروخي بين غزة والعدو, حيث تم التوصل إلى وقف النار وبروز مؤشرات على أن ائتلاف نتنياهو الفاشي, «المأزوم» والمُعرّض للإنهيار بعد الخلافات المُتفاقمة بين نتنياهو ووزير الأمن الكاهاني المتطرف/بن غفير, ومقاطعة الأخير اجتماعات الحكومة, لافتاً نظر نتنياهو إلى ضرورة أن «يعرِف» تبِعات مقاطعة «7» أعضاء كنيست.

ليس ثمَّة أهمية للنظرية أو التحليل الذي يربط الجريمة التي ارتكبت في قطاع غزة أمس, بالأزمة المُتدحرِجة التي تعصف بائتلاف نتنياهو الفاشي. خاصة أن جرائم جيش القتلة الصهيوني متواصلة بلا انقطاع أو خشية من ردود أفعال أو عقوبات, أو حتى مُساءلة وتلويح بمواقف مُنتقِدة للممارسات الفاشية الصهيونية. سواء من الولايات المتحدة أم خصوصاً الاتحاد الأوروبي, الذي «جَبُنَ» ولم يرفض قرار نتنياهو ارسال بن غفير مندوباً عنه وخطيباً, في حفل «يوم أوروبا» الدبلوماسي, الذي كانت سفارة الاتحاد الأوروبي في تل أبيب تروم اقامته أمس الثلاث?ء، بل قام (الاتحاد الأوروبي) بإلغائه, علماً أن دولاً أوروبية عديدة حظرتْ إقامة أي مهرجانات خطابة أو مَسيرات جماهيرية لإحياء الذكرى «75» للنكبة الفلسطينية، فيما عمّت عواصمها باحتفالات صهيونية بمناسبة قيام دولة العدو على أرض فلسطين ونكبة شعبها.. فضلاً عن انخراط معظم العواصم الأوروبية في تبنّي الرواية الصهيونية, وصولاً إلى اعتبار أي نقد للممارسات العنصرية الإسرائيلية, أو حتى «مناقشة» المبادئ العنصرية التي تقوم عليها الحركة الصهيونية, ضرباً من ضروب مُعاداة السامية, ما يرتب سجناً وغرامات ونبذ للمؤسسات والشخصيات?التي تقوم بذلك.

هي إذاً مظلة أمان أوروبية/أميركية لممارسات إسرائيل العنصرية, ومثابة شيك انجلوساكسوني على بياض, يمنحه المعسكر الغربي للجرائم والارتكابات الصهيونية المتمادية على الشعب الفلسطيني, ودوساً ببساطير جنود الاحتلال والمستوطنين اليهود على أكذوبة الشرعية والقانون الدوليّين, التي يُشهِرها المعسكر الغربي ضد أي دولة في العالم, لا تسير وفق رغباته ولا تتبنى روايته باستثناء إسرائيل.

في السطر الأخير.. الأوضاع سائرة إلى مزيد من التدهور على أرض فلسطين التاريخية, بل أن المنطقة مُرشحة للتأثر بهذا التدهور, في ظل اصرار نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف الفاشي على استخدام المزيد من القوة ضد الشعب الفلسطيني, الرافض باصرار وعزيمة على مقاومة الاحتلال. وأيضاً في مواصلة هذا الائتلاف الفاشي المُتطرف مشروع أرض إسرائيل الكاملة, بزرع المزيد من المستوطنات والمستوطنين اليهود في الضفة، وفي وقت تواصل فيه إدارة بايدن جهودها المحمومة ليس في محاولة «إستنقاذ» المنطقة وعدم تدهور الأوضاع فيها, بل في منح الأولوية لتوس?ع دائرة التطبيع على ما كشفت وسائل الإعلام الصهيونية, وخصوصاً ما يقوم به جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي يرافقه مستشارا البيت الابيض بريت ماكفورك وعاموس هوكشتاين. حيث إجتمع «ثلاثتهم» أمس الإثنين, بنتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية/ رون دريمر وتساهي هنغبي، مستشار الأمن القومي.

لهذا أيضاً ليس ثمَّة أهمية أو تأثير لما يصدر من بيانات فلسطينية رسمية أم فصائلية, تُطالب بـ«تدخل دولي عاجل» لوقف الجرائم الإسرائيلية، حيث لا أحد يسمع أو يحفل بها. وقد آن الأوان لمقاربة مختلفة وجديدة, يتم فيها «دفن» دبلوماسية البيانات والإدانات والإحتجاجات والإضرابات, التي لم تعد تُخيف العدو أو تثير مُجرّد «قلق» لدى عواصم الغرب, الداعمة بلا تحفّظ لإسرائيل وروايتها.