هيكلة رواتب الجمارك والتغيير الأخلاقي

طالبنا بمعالجة الخلل في رواتب الموظفين في القطاع الحكومي ليكون هناك عدالة للجميع، وجاءت الهيكلة بعد مخاض عسير ففرح بها من فرح واستاء منها من استاء، وبالنظرة العامة فالهيكلة جعلت الموظفين في كل دوائر الدولة يخضعون لسلم واحد من الرواتب، وعملت على إقرار علاوة المؤسسة لتراعي الظروف الخاصة لكل مؤسسة على حدا.
احتج المعلمون سريعا على الهيكلة الجديدة والتي لم تكن بمستوى طموحاتهم، فقد تأملوا الكثير سيما وأنهم كانوا ينتظرون اكتمال مراحل الزيادة بواقع 100% على رواتبهم الأساسية بوعد انتزعوه قبل إقرار الهيكلة الجديدة، والذي تنصلت منه الحكومة لاحقا على اعتبار أن الزيادة المتحققة من الهيكلة الجديدة تضمنته وزادت عليه أيضا، ولم تتسع صدور المعلمين إلى الصبر على وطن بات منهوبا ممن طالت يده، دنت نفسه، واستغل المعلمون بداية الفصل الدراسي للضغط على الحكومة بالإضراب عن العمل، وتعطيل الدراسة لتحقيق مكاسب مالية يطمحون إليها تحت مسمى حقوق مهضومة.
ثم لم تقف الاحتجاجات عند المعلمون ووضوحها، بل إن هناك نوع آخر من الاحتجاجات مبطن ينادي بان أي مساس بمكتسباتنا سيؤدي إلى انحراف في أخلاقنا، فهناك من يرى أن الطريق إلى الرشوة سيفتح على مصراعيه، وخصوصا في مؤسسات بالغة الأهمية، وتعد صمام الأمن الاقتصادي الوطني، مثل الجمارك الأردنية، والتي صدر بيان لا يمثل إلا من أصدره، تحت عنوان " الحكومة تدفعنا للممارسات الخاطئة وتقتل روح الانتماء بداخلنا " وتضمن البيان أن دائرة الجمارك الأردنية من الدوائر الهامة في جسم الدولة الأردنية، وتشكل أكبر رافد مالي للخزينة، وإن العبث في هيكلية هذه الدائرة من خلال الاعتداء على الحقوق المكتسبة للعاملين فيها، وإيقاف الكثير من العلاوات والحوافز والمسميات الوظيفية، مثل إيقاف بدل التأخير للموظفين، وعلاوة الحاسوب، وعلاوة الترفيق، وعلاوة التتبع الإلكتروني، وعلاوة صعوبة العمل، وإيقاف الإكراميات التشجيعية .
وأكدوا إن هذه الإجراءات تعتبر إعلان من الحكومة لزعزعة أداء هذه الدائرة، ودفع موظفيها باتجاه الجنوح للممارسات الخاطئة، وقتل روح الانتماء بداخلهم، وتجعلهم عرضة للملاحقة القانونية، بسبب تخفيض دخلهم الذي سيؤدي إلى الإخلال بالتزاماتهم المالية، اتجاه أسرهم والجهات الإقراضية الملتزمين لها على ضوء الدخل السابق.
فلمن اصدر هذا البيان الذي يمثل نفسية مريضة متزعزعة، إن من يريد سلوك طريق الرشوة والاختلاس وابتزاز الناس، مستغلا وظيفته أو منصبه، ويروج إلى انقلاب أخلاقي، انتهجت هذه الدائرة طول مسيرتها محاربته والقضاء عليه، وكانت تولي أهمية كبيرة للقضاء على أي مظهر من مظاهر الفساد الوظيفي، أو الأخلاقي لمنتسبيها، واستطاعت أن تكتسب سمعة طيبة يشهد لها الجميع.
وموظفي الجمارك رغم القلق الذي يشعرون به جراء الهيكلة الجديدة، والظروف الاقتصادية التي تمر بها مملكتنا العزيزة، سيكونون أقوى ويخرجون منها بعزة وكرامة وأنفة ترفع الرأس، فهم المثل للموظف المثالي، وان المهاترات والأصوات النشاز التي تصرخ هنا وهناك، لا تعبر إلا عن نفسها المريضة وسيتم معالجتها بهمة الموظفين الشرفاء.


kayedrkibat@gmail.com