بعد احتفال يوم النصر.. كيف سيكون «انتقام» موسكو لإستهداف «الكرملين»؟

أخبار البلد - ما تزال تداعيات الهجوم الذي استهدف الكرملين (القلعة أو الحِصن بالروسية), تفرض نفسها على المشهدين الروسي والدولي وخصوصاً الغربي, بعد إصرار موسكو اتهام واشنطن بالوقوف خلف استهداف مقر الرئيس الروسي, بما هو رمز سيادي، حيث يحرص «المتحاربون» على عدم المسّ بمراكز اتخاذ القرار لدى أعدائهم, كذلك بعض إن لم نقُل معظم المرافق والمرافق الحيوية, ذات الإستخدامات والإحتياجات المدنية الأساسية وما يمكن اعتبارها لدى الطرفين بأنها خطوط حمراء محظور تجاوزها. لكن الذين اختاروا ضرب الكرملين قبل اسبوع من احتفالات يوم النصر(التاسع ?ن أيار) في الحرب الوطنية العظمى كما يصفها الروس, إثر وصول الجيش الأحمر الى مقر المستشارية الألمانية ومحاصرة هتلر, والذي يصِفه بوتين بأنه يوم مُقدّس بالنسبة لروسيا...

وإذا كانت أوكرانيا قد سارعت الى نفي صلتها بهجوم كهذا، بل ذهب أركانها رئيسها ومستشاريه أبعد من ذلك عندما اعتبروا الهجوم بأنه من تدبير «الكرملين», بهدف توفير ذريعة لمواصلة هجماته على أوكرانيا, بل وإخفاء «إخفاقات» الجيش الروسي في المعارك كما زعم زيلنيسكي, فإن اللافت في كل ما جرى هو دخول الولايات المتحدة بكامل هيئاتها ومؤسساتها على الخط بـ«تكذيب» الرواية الروسية, وليس فقط نفي مشاركتها في اتخاذ القرار باستهداف الكرملين, ناهيك عن مسؤول الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي/ بوريل الذي تماهى مع الموقفيْن الأميركي و?لأوكراني, داعياً موسكو الى عدم استخدام هذا الهجوم «المُفترَض»، ذريعة لمواصلة التصعيد في الحرب التي بدأتها مطلع عام 2022 وفق تعبيره.

ما يعني من بين امور أخرى ان أميركا التي تُشارك في الحرب عمليّاً, ميدانياّ واستخبارياً وتزويداً بالأسلحة والمعدات والمعلومات الإستخبارية وصور الأقمار الاصطناعية، ووضع الخطط العسكرية بل والضغط على زيلنيسكي لعدم الإنخراط في أي مفاوضات مع روسيا,خصوصا رفض الخطة الصينية ذات البنوك الـ 12 التي وصفها بـ«الخدعة الصينية»، فضلاً عن تصريحات بايدن وأركان إدارته والمؤسسات الحكومية الأميركية الأخرى, بأنها تروم إلحاق «هزيمة استراتيجية» بروسيا, إن وشنطن بتكذيبها الإعلان الروسي عن مسؤوليتها وربيبتها كييف بالمسؤولية عن تجاوز?كل الخطوط الحمراء, إنما تدقّ مسماراً آخر في نعش العلاقات الروسية/الأميركية, التي وصلت أدنى مستوى لها منذ نهاية الحرب الباردة بل وقبلها ايضاً.

فهل تحتاج موسكو حقّاً لـ«ذريعة» كهذه كي تُصعّد عملياتها العسكرية؟ وهل وصلت «السذاجة» بالمخططين الروسي لإختيار رمز «سيادي» كالكرملين, لِشنّ هجوم قيل في الرد عليه روسِيّاً أنه سيكون «مُتناسباً» مع ما حدث؟.

هنا يحضر رد السفير الروسي في واشنطن/اناتولي انطوفوف, عندما طُلب منه تقييم رد فعل الإدارة الأميركية على الهجوم قائلاً: تصريحات المُمثلين الرسميّين الأميركييْن تُدهِش بسخريتها وسخافتها...أنهم - أضاف - لم يتمكنوا من الإعتراف بعمل إرهابي خَطّط له نظام زيلنسكي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الإتحادية، مُستطرداً: علاوة على ذلك لم يتم اختيار الوقت بالصدفة، عشيّة يوم النصر.. موكب 9 أيّار, الذي من المُخطط له حضور ضيوف أجانب.

في الداخل الروسي ثمة دعوات لـ«الإنتقام» على النحو الذي عبّر عنه الرئيس السابق ميدفيدف, عندما دعا الى تصفية زيلنسكي ونظامه, فيما اكّد ناطق الكرملين/بيسكوف: أننا «نعرف حق المعرفة أن القرارات بشأن هذه الأفعال لا تُتخذ في كييف بل في واشنطن. لكن «بلينا بانينا"/ السياسية الروسية وعضو البرلمان الإتحادي، مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية في السياسة والاقتصاد, كانت أكثر غضباً وحدِّة عندما قالت: أنه «لا» يجب ان يكون جوابنا الصحيح, مُجرّد «رد فِعل» يمكن التنبؤ به للغاية, (على ما ترجمه الدكتور زياد الزبيدي), بل ــ أضاف?ْ ــ مجموعة من الإجراءات التي ستأخذ روسيا الى ما وراء هذه الأُطر وتسمح بالإستحواذ على المبادرة الاستراتيجية في الحرب. مُقترِحَة التالي: يجب أن تكون «قفزة خلف الرايات»–أعلام من نفس اللون الأحمر مثل أعلام «الخطوط الحمراء» التي يحبها الكثيرون. إن فائدة مثل هذه الخطوات، التي كانت على مدار العام الماضي ونيف قد تجمعت لدى روسيا، وكبّلت يديها بها وكانت أكثر من كافية.

ثم قدّمت «خياراً» آخر مُفاده: يمكن أن يكون أحد هذه القرارات «نقل طبيعة العملية العسكرية الخاصة إلى نظام حرب حقيقية - مع كل ما يصاحب ذلك من دعم قانوني وحقوقي».

والآخر ـ أضافت ــ هو إعلان أوكرانيا دولة إرهابية. الأمر الذي سيترتب عليه أيضاً مجموعة كاملة من العواقب. بما في ذلك الخروج من جميع الاتفاقات الرسمية وغير الرسمية مع كييف, من ــ واصلتْ ــ من جميع «الصفقات» و «خطوط نقل الغاز والنفط» و«قواعد اللعبة»، إلى حيث يمكننا توجيه ضربة، وأين لا يمكننا القيام بذلك.