السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي
أخبار البلد - في الثالث من أيار وتزامنا مع اليوم العالمي لحرية الصحافة أعلن وزير الإعلام عن الانتهاء من وضع المسودة الأولى للسياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي والتي تعتزم الحكومة إجراء حوار موسع حولها، علما بأن هذه المسودة استندت أثناء إعدادها إلى الدستور الأردني والرؤية الملكية لتحديث المنظومة السياسية والاتفاقيات والمعاهدات والالتزامات الدولية التي كفلت حرية التعبير وحقوق الإنسان كما صرح بذلك وزير الإعلام في التاريخ ذاته.
هذا الإعلان عن الانتهاء من وضع مسودة السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي يستدعي التوقف مليا أمام عدة نقاط أساسية وقضايا محورية ذات دلالة عميقة:
أولًا: يبعث هذا الإعلان عن مسودة السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي على التفاؤل والأمل بوجود خطوات جادة تهدف إلى النهوض بواقع الإعلام وأدواته من خلال السعي نحو إقرار وثيقة نأمل أن تكون جامعة مانعة في هذا الاطار، وما يزيد من التفاؤل على هذا الصعيد أن يأتي الإعلان متزامنا والاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة وهو الأمر الذي ينطوي على مؤشرات ودلالات ايجابية عدة أبرزها وجود إرادة جادة نحو التغيير الايجابي.
ثانيا: الإعلان عن الانتهاء من وضع مسودة السياسة العامة للإعلام والاتصال الحكومي ترافق مع الإعلان عن نهج تشاركي تشاوري ستتبعه الحكومة لغايات المضي قدما في اقرار هذه الوثيقة من خلال الاستماع الى وجهات النظر كافة للأشخاص والجهات ذات العلاقة، وهو نهج يؤشر الى وجود إرادة نحو أن يكون الجميع شريكا في المرحلة القادمة التي تعد مرحلة محورية في النهوض بواقع الإعلام.
ثالثا: تأتي مسودة السياسة العامة للاعلام والاتصال الحكومي بعد فترة قريبة نسبيا من الانتهاء من أعمال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وما تبع ذلك من قطف ثمار هذا العمل المتواصل من خلال تعديلات تشريعية شملت الدستور الأردني وقوانين مهمة ومحورية أيضا في عملية الإصلاح السياسي، وهذا التوقيت أيضا يحمل مؤشرات مهمة على أن الأصوات التي كانت تنادي بضرورة العمل على النهوض بقطاع الإعلام وصولا إلى عملية إصلاح متكاملة وشاملة قد لاقت آذانا صاغية؛ فلا يمكن الحديث عن إصلاح سياسي دون أن يترافق ذلك مع منظومة وسياسة عامة تكفل حرية الصحافة والإعلام.
رابعا: تستند هذه الوثيقة من ضمن مرجعياتها المتعددة بشكل اساسي إلى الدستور الأردني والمعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وهو أمر يحمل دلالات أخرى أيضا بأن هناك سعيا نحو الالتزام بروح الدستور الذي كفل حرية الصحافة والاعلام وأعلى من شأنها، والالتزام أيضا بما تكرسه الاتفاقيات الدولية وما ترتبه من التزامات نتيجة المصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي كفلت حرية الصحافة والإعلام ووضعت الحدّ الأدنى من المعايير المتعلقة بها.
إذا مسائل عدة ونقاط مضيئة تبعث على التفاؤل بوجود خطوات جادة نحو النهوض بواقع الإعلام وتعزيز الممارسات الإيجابية وتجاوز التحديات القائمة واشراك الجميع في عملية التغيير، هذا التفاؤل يأتي بالرغم من تراجع الأردن ضمن مؤشر حرية الصحافة الذي اطلقته منظمة مراسلون بلا حدود، مع الاشارة والتأكيد على التحفظ على هذا التصنيف الذي اطلقته مراسلون بلا حدود من حيث المبدأ والمنهجية العلمية التي يتبعها التقرير الصادر عنهم ومؤشرات التصنيف وتحليلها، هذا التراجع الذي يمكن باتخاذ خطوات مدروسة ومنهجية من تجاوزه ليكون الاردن كما يأمل ونأمل من الدول المتقدمة في مجال حرية الصحافة والإعلام ويجسد الرؤية الوطنية في هذا الاطار.