بنمشي الحيط الحيط ....
الكل في الهمّ شرق المواطن يده على قلبه ممّاتخبئه الأيّام لأنّه خايف على بيته وعياله والمسؤول نفس الشيئ يده على قلبه لأنه خايف اذا كان فاسد ان يُمسك ويضيع كل الذي جمّعه بالحرام واذا كان ليس فاسدا يخشى ان يظهر غلط في مسيرة حياته العملية ولو منذ زمن وتلصق فيه شبهة فساد ويُحقّق معه ويطلع فاسد ولذلك فهو يخاف على سمعته وممتلكاته وهل اكثر من ان يُشتبه في رؤساء حكومات ورؤساء اجهزة امنيّة ووزراء ومسؤولين كبارا حكمونا لفترات طويلة وكانت ارواحنا ومُقدّرات وطننا بين ايديهم .
إن ذاك الشعور بالخوف يشل حركة الجميع وبالتالي نستطيع القول ان الجو مكهرب ومتوقّع ان يحصل تماس كهربائي سياسي او اجتماعي ويصيب اي شخص فالكل يقول اللهمّ نفسي والشاطر كما يعتقد البعض وهم مُخطئون الذي يبقى ساكت ومختبيئ لا له ولا عليه لا يبحث عن مناصب ولا ارباح أي لا بدّو يتزوج ولا بدّو يطلّق بل يبقى مُعلّق حتى تُفرج .
هذه الاجواء الملبّدة بالغيوم تسبّب العصبيّة والتوتّر وتنعكس على مكوّنات المجتمع ككل وهي تُسبب ضعف الانتاجيّة وكثرة الخطأ يالرغم من توفّر عامل الحرص على السلوك السليم وعدم حصول اخطاء في مثل ذلك الجوّ المليئ بالخوف والكل يشعر ان لا أحد معصوم الآن عن البهدلة والجرجرة .
قد تكون فترة الغموض التي نمرّ بها الآن هي الأقسى والأصعب من حيث عموميتها وغموضها وعدم وضوحها منذ وعيت على هذه الدنيا اي منذ ما يزيد عن نصف قرن بالرغم من مرور ايام اصعب ولكنّها لم تكن بمثل هذا الغموض فدائما كان الصحيح بيّن والخطأ بيّن ولكنْ الآن لا ندري هل ان الذاهب كان على حق ام ان القادم ليس على خطأ ولكلّ احتمال مبرّراته التي تقنع الفهيم ليصبح حيرانا وتجعل الحليم عصبيّا وتُظهر الحكيم وكأنه جاهلا .
هل الربيع المتّهم انّه عربيّا هو السبب الرئيس أم أنّ جهلنا الأغرّ وفقرنا المدقع وغرورنا المتعجرف وقُصْر نظرنا هي اسباب مع غيرها مجتمعة سبب بلائنا وغموض حالنا إضافة الى خلو قلوبنا وضمائرنا وعقولنا من نفحات العقيدة جعلنا نعيش في وهم مطبق.
وهل ما يقوله العامّة انهم يمشون الحيط الحيط ويخشون الوقوع عنه ام انهم يستغلون ظلّ الحيط ليتوارون خلفه من حرارة الشمس ام من ذلّ الفضائح والأكاذيب وهل هذا المثل دليل على التواضع ام الخوف والجُبُن ام هو دليل حقيقي لعدم المبالاة والمسؤولية الجادّة تجاه النفس والمجتمع والحقائق والاوطان .
هل سياسة الخنوع للفاسد والأجنبي تعلمناها من الخنوع للمستعمر حيث اصبح المثل واقعا والحيط هو الساتر لنا من كل أولئك السادة وهم الفساد والجوع والقهر والفقر والخيانة والاجنبي وإسرائيل بل وحتّى الأب والزوجة وهما أحنّ السادة علينا .
وما هي السترة التي ننشدها من المشي على او خلف او جانب الحيط هل هي الفضائح من سلوكيات شخصيّة نخشى ان تسبّب لنا فضيحة اجتماعيّة ولا نخشى غضب الرحمن الرحيم من افعالنا ولكني لا أعتقد ذلك لأن الكثير من افراد المجتمع إلاّ من رحم ربّي على نفس الوتيرة والبجاحة وقلّة الحياء .
إذن هل هي السترة ان لا نرى فضائح الآخرين ونتسبّب في وجع الرأس لأنفسنا وهذا غير وارد لأن معظم افراد المجتمع وخاصّة النساء وليس كلّهم بالطبع يحبّون نقل الأحاديث والفضائح بعد ان يُبهّرونها ويزيدوا عليها لتزداد تشويقا بغضّ النظر عن الأذى التي قد تسبّبه للآخرين.
إذن فماذا يُمثّل الحيط في حياتنا ولما السترة نريدها ومن ماذا , اعتقد ان لا احد يجزم قاطعا انه يعلم وانما هي ثقافة العيب والخوف التي تعلمناها من ابائنا واجدادنا وعشعشت في عقولنا .
ولكنّ تلك الثقافات قد تتبدّل مع الزمن وخاصّة بعد ان زال الخوف بفعل ما يُقال عنه ربيع عربي لأنّ الربيع ينشّط العقل ويشجّع القلب وقد يُصبح الشعار نمشي في الثورة ونقول الله ينجحها على شرط ان لا تُجيّر هذه الثورات للسادة اللذين ما زلنا نخشاهم وهم الفاسد والأجنبي وعندها نقول في سرّنا الشعب يريد إسقاط الحيط وحتّى رمي ورقة التوت لمن لم يرمها حتّى الآن لنظهر على حقيقتنا ربّ كما خلقتني وعندها سنبكي على ايام مضت وربيع انتهى بصيف حار وجاف .
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون صدق الله العظيم
احمد محمود سعيد
دبي- 10/2/2012