النائب العدوان والقبعات الزرق

أخبار البلد-

 
أعلنت سلطات الاحتلال رفعها حظر النشر عن قضية النائب عماد العدوان الذي اختطفته أثناء عبوره جسر الملك حسين باتجاه الضفة الغربية المحتلة عبر معبر الكرامة (ألنبي).

رفع الحظر الجزئي فتح الباب لماكينة الاحتلال الإعلامية لممارسة الابتزاز والحرب النفسية على الشعب والدولة الأردنية ومؤسساتها السيادية، خصوصا الأمنية، وبما يحقق لها أولا: دعم روايتها وتكريسها كحقيقة واقعة. وثانيا: نقل المعركة إلى أرض العدو من خلال زعزعة الثقة بين الشارع والحكومة والمؤسسات السيادية في الأردن وبث الفتنة محليا. وثالثا: إبعاد الأنظار عن لب المشكلة وجوهرها، وهو الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته.

تقرير صحيفة "معاريف" العبرية اليوم السبت، عكس هذه التوجهات بالقول إنه "منذ اعتقال العدوان؛ بدأت محافل الأمن بالتحقيق معه، وسارعت إسرائيل لفحص العنوان للإرسالية الكبيرة، وفي الأردن سعوا لأن يعرفوا من يقف خلف المؤامرة التي نسجت تحت أنفهم"، مضيفة القول إن "التحقيق الهادئ في الظل يدل على التفاهم المتبادل السائد بين عمان وتل أبيب".

التحرر من الضغوط الناجمة عن اختطاف الكيان للنائب العدوان، وتفكيك وحدة الشارع الأردني في دعم المطالب بتحريره، وإرفاق ذلك بتفجير صواعق إعلامية عبر تسريبات تشكك بالموقف الرسمي الأردني، وتضعه في مواجهة الشارع؛ هدف أساسي للاحتلال الذي صنع الأزمة وضخّمها، ثم ساوم على حلها وشروط إنهائها، ما يتطلب قلب الطاولة على الاحتلال، وإعادة الامور الى نصابها؛ بهجوم معاكس ومضاد، يستفيد من الأزمة وحيثياتها والسوابق المشابهة لها، ويبقي المعركة على أرض العدو، وفي ميدان يعجز عن المناورة في تضاريسه القانونية والسياسية والجغرافية.

فالاحتلال يدرك بداية أنه المتضرر الأول من استمرار الأزمة، من خلال تعبئة الرأي العام الأردني والعربي والإسلامي والدولي في مواجهته، وثانياً لأنه مارس بلطجته على معبر حدودي لا سيادة له عليه؛ باختطاف نائب أردني زائر للضفة الغربية المحتلة.

الحادثة لا تعد الاولى من نوعها، ولكنها الاخطر في مضمونها بعد حادثة إعدام القاضي الأردني رائد زعيتر على المعبر في آذار/مارس 2014، ما يؤكد الطبيعة العدوانية للاحتلال، وانعدام مصداقيته، في ظل غياب أطراف دولية مستقلة؛ تشرف على المعبر من الأمم المتحدة كالقبعات الزرق.

الحاجة باتت ملحة للاستعانة بقوات أممية من القبعات الزرق من دول كالبرازيل وروسيا والصين وكوبا وفنزويلا وجنوب افريقيا واندونيسيا وتركيا، للإشراف على المعبر وحرية التنقل عبره؛ لوقف عمليات الخطف والاختفاء القسري والاعدامات التي يمارسها الاحتلال وقواته، فالمعبر يمثل شريان حياة أساسياً ووحيداً للفلسطينيين الخاضعين للاحتلال، يجب إخضاعه للأمم المتحدة وقوات غير منحازة لرواية الاحتلال، كالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
ختاماً.. المعركة مع الاحتلال، ويجب أن تبقى معه، ولا يجوز السماح للاحتلال بنقلها إلى الساحة الأردنية عبر عناوين وتقارير كاذبة، فالمسجد الاقصى والقدس أرض محتلة، وغور الأردن كذلك؛ يجب أن يخضع لرقابة أممية، حاله كحال معبر الكرامة؛ لضمان توافر حرية العبور والحياة للفلسطينيين.. أمر لا يمكن تحقيقه بسيطرة الاحتلال على المعبر الذي يعد شريان حياة أساسياً للفلسطينيين، فهذه حقيقة، وما سواها مخالفات وانتهاكات للقانون الدولي، وللحقائق التاريخية والجغرافية.