جدل التجنيس والتوطين يتصاعد بسبب سيناريو العدالة التمثيلية في إنتخابات 2012 صيغة 'أردني سابقا' تملأ نقاشات الصالونات
اخبار البلد- يخرج عضو البرلمان الأردني المخضرم عبد الله النسور عن المألوف المحلي عندما يدعم في المجالسات الخاصة فقط خيارات 'التمثيل الأكثر عدالة' في البرلمان المقبل دون أن يتبع ذلك بموقف سياسي علني يدفعه لتحمل كلفة التجرؤ ولو في أضيق الحدود على مواجهة عاصفة من الإتهامات المعلبة لو فعلها.
ومن يقول هذه الأيام في الأردن بأن المملكة لجميع أبنائها وينبغي أن يضمن مستقبلها على هذا الأساس يواجه جيشا منظما من الهتيفة ومروجي الشائعات والإتهامات بعضه يستوطن المؤسسة البيروقراطية وبعضه الأخر يرسم المعارضة ويدعي الحراك فيما بعضه الثالث يستحكم في منصات إعلامية متنوعة مهمتها اليتيمة لا زالت تخويف النظام والناس من سيناريو العدالة التمثيلية.
ويبدو أن الحديث تصاعد حول ملف التمثيل مع دخول مؤسسات الحكم والحكومة في مزاج التحضير للإنتخابات التي يراد لها أن تقفز بالبلاد بيسر وأمان من تجاذبات الربيع العربي.
لذلك يبدو سلوك النسور في الصالونات السياسية مفهوما تماما لا بل ينطوي على تقليد كلاسيكي قديم عماده إستعداد النخبة السياسية بالعادة للتحدث بصراحة وبروح وحدوية وعصرية فقط في الغرف المغلقة وتجنب كلفة أية مواقف علنية.
بالمقابل يستطيع المحلل المراقب قراءة الإصرار المتكرر لرئيس مجلس الأعيان طاهر المصري على إبراز رفضه لمشاركة المخيمات في الحراك السياسي في نفس سياق الدكتور النسور فنخب السياسة في عمان بكافة أطيافها لا زالت تسترسل ولأسباب غير مفهومة في اللف والدوران والمراوغة عندما يتعلق الأمر بالموضوع الأبرز المسكوت عنه من الجميع في الأردن وهو تعريف المواطنة.
لذلك يتقمص الوسط السياسي أكثر من غيره اللغة الثالثة التي تحدث عنها مرة رئيس الوزراء الأسبق المحنك عبد الرؤوف الروابده وهو يشير الى ان الأردنيين يتحدثون بثلاث لغات خشية حسابات الصراع العربي الإسرائيلي.. واحدة بين عشائرهم والثانية مع الاخر والثالثة في الإجتماعات المختلطة.
وعلى هذا الأساس تنتشر حاليا موضة الخوف والتحذير وأحيانا الإبتزاز من إستحقاقات الخطوة التالية في برنامج الإصلاح السياسي والمتمثلة في إنتخابات 2012 الموعودة فحتى القصر الملكي نفسه لم تستثنه التأويلات والتحريضات عندما قال الملك عبد الله الثاني بأن الإنتخابات المقبلة ينبغي أن تكون 'الأكثر تمثيلا'.
ورغم ان العبارة الأخيرة لم توضح دلالاتها ومقاصدها فيما لم تظهر مؤسسة القرار بعد أي إنحياز جدي لمعالجة إشكالية المشاركة والتمثيل عموما إلا أن بعض الساسة والمثقفين خصوصا من يتحدث منهم بإسم المعارضة المفترضة غرقوا في التحذير مجددا من سيناريوهات مفترضة تلمح لأجندة أمريكية وشيكة ستفرض على عمان وقوامها المزيد من التجنيس السياسي وتصعيد مقصود في معادلة الأكثر تمثيلا التي تترجم ببساطة بعنوان بسيط هو تمثيل أكثر للأردنيين من أصل فلسطيني.
ويفترض هؤلاء أن واشنطن التي تعاني من إشكالات عميقة بعد ما حصل مؤخرا في الملف السوري مهووسة يضرورة إعادة الجنسيات المسحوبة لالاف الأشخاص الذين تمتعوا بلقب 'أردني سابقا' وبأن المرحلة تتطلب إذا الإستعداد لمعركة وطنية جديدة تتصدى للمؤامرة علما بأن المؤامرة كانت في الماضي ولا زالت وستبقى لكن الإستناد إليها سيمنع الأردن من التقدم ولو خطوة واحدة نحو المستقبل.
قصة المؤامرات التي تستهدف الأردن والأردنيين أصبحت منتشرة في كل مكان في عمان فالزائر يقرأها في الصحافة وعلى وجوه بعض المثقفين الحائرين.. كذلك تقرأ نفس القصة في ثنايا تحضيرات الحراك وفي مجالسات الأحزاب وأصبحت هوسية لحد أنها تعيق فعلا كل المبادرات التي يمكنها النجاح في إخراج البلاد من عنق الزجاجة التي تحدث عنها الشيخ زكي بني إرشيد عندما وضع خيارين لا ثالث لهما في الإختناق او الإنفجار في عنق الزجاجة.
طبعا بالتوازي تستخدم قصة المؤامرات من قبل السلطة أحيانا أو من قبل الطامحين بالسلطة وبمواقع وزارية أو من قبل بعض ركاب الموجات وأصبحت ضيفا دائما في كل بيانات بعض الأحزاب والمجموعات الإجتماعية النشطة.
ذلك يتواصل على قاعدة توسيع 'كذبة' التجنيس والتوطين في وجه الحكومة الحالية برئاسة المستشار عون الخصاونة دون إظهار الإهتمام بالإصغاء لوزير التنمية السياسية حيا القرالة الذي صرح مساء الثلاثاء وفي ندوة إستضافتها صحيفة الرأي الحكومية قائلا بأن حكومته لم تجنس ولو فلسطينيا واحدا إطلاقا.
قبل القرالة صرح وزير الداخلية محمد الرعود بنفس النفي وعدة مرات فيما إستمرت بعض الجهات بالتهويل والمبالغة والأسباب مفهومة علما بأن نشطاء الوسط الفلسطيني المحلي يصرون على التذكير بأن المسألة لا تتعلق بحصة تمثيلية بقدر ما تتعلق بحصة في عقل الدولة وواقع المجتمع.
يحصل ذلك مع مفارقة لا يمكن رصدها بإمتياز إلا في عمان فقط فجميع من يحذرون من مؤامرة التمثيل الإنتخابي وبالنتيجة الوطن البديل لا يقترحون إطلاقا حلولا من أي نوع للمعالجة خارج سياق التفكير التهميشي والإقصائي وبصرف النظر عن النتائج والتداعيات على الداخل بكل تعبيراته الأمنية والإقتصادية.
يقول عضو البرلمان البارز ومدير الأمن سابقا الجنرال مازن القاضي: أشعر أحيانا بأن البعض يتحدث عن الأردنيين من أصل فلسطيني في مملكتنا وكأنهم عشرة رجال فقط يمكن التلاعب بمصيرهم بكل بساطة ونقلهم إلى الجسر بحافلة صغيرة. يتوقف الرجل مع تنهيدة سياسية ببعدها الأمني واضح تماما فيما إستمعت إليه 'القدس العربي' ويضيف: غريب أمر هؤلاء.. لا أريد التحدث بالعواطف والوقائع لكن كيف ينسون ولو من باب التحليل العلمي بأن من يجتهدون لإقصائهم وإبعادهم هم عمليا نصف الشعب الأردني إذا لم يكونوا اكثر.
قبل ذلك وجه الصحافي ياسر أبوهلالة يوما نداء مباشرا عندما قال لمن يرددون نغمة التوطين كلما دق الكوز بالجرة: أيها القوم.. المواطن في الأصل لا يوطن.