راهب يؤذن وشيخ يقرع الناقوس

أخبار البلد-

 

في عام 16 للهجرة، كتب الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأهل القدس (إيلياء)َكتابا، سُمِّي «بالعُهدَة العُمَرِّية»، اعطى فيها الأمان للمسيحيين. أمانا ً على: أموالهم وأنفسهم وكنائسهم وممتلكاتهم، واماكن عباداتهم. وتعهد ألا ينقص منها ولا من خَيْرِّ ها ولا من شيئ من اموالهم، ولا يُكْرَ هُون على دينهم.

وفي عام 620م، عُثِّر على وثيقة مُسْتَخرجَة من دير كنيسة جبل ِّ سيْنَاء، هي رسالة من النبي محمد صلىِ الله عليه وسلم، كتبها الإمام علي ابن ابي طالب، كرَّم الله وجهه، وبخط يده، هي وثيقة موجهة لأمة المسلمين ولجميع من يعتنق رسالة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام. وهي تعهد منه وفي السنة السابعة للهجرة، بحماية ممتلكات المسيحيين ورعايتهم وضمان حيز العبادة؛ فلا يغَيَّر أسقف أو أسقفيةٍ، ولا راهب ولا حبيس من صومعته، ولا يهدم بيتا من بيوت كنائسهم، ولا يدخل شيئا من بناء كنائسهم في ٍ راهب ٍ ولا حبيس بناء مسجد، ولا منازل ا?مسلمين.. أو لا يحمل على الرهبان والأساقفة، ولا من يتعبد، جزية ً ولا غرامة... ولا يجادلونهم إلا بالتي هي أحسن.

ومنذ عقود من القرن العشرين،وسنين من القرن الواحد والعشرين، يقع إخوتنا الفلسطينيون وديارهم وتراثهم ومدارسهم ومساجدهم وكنائسهم تحت سلطة احتلال إسرائيلي غير انساني بغيض.

وفي هذه الايام من عام 2023 تتصاعد قبضة وشوكة الاحتلال على دور العبادة والمقدسات العربية الاسلامية والمسيحية في القدس وفلسطين. ونشهد في شهر رمضان المبارك وبالذات الايام العشرة الاخيرة منه، موسما سنويا ً تتصاعد وتتسابق فيه الانفس الانسانية الطيبة المؤمنة نحو العبادة والسخاء والتصدق والكرم والتعاطف مع الجار والجيرة وتمتين مؤسسات الخير والتكاتف والعطاء وتأسيس شبكات حماية للفقراء ومقاومة الفقر؛ وفي هذه الايام ايضا يرقب عباد الله المؤمنين ليلة القدر فاردين ايدهم سخاء ًورافعيها الى السماء نحو الخالق مستنجدين طال?ين منه العفو والعافية، ورفع الظلم والمكروه عن العباد المظلومين من بيننا، وفي قدسنا، قلبنا وقلب فلسطين المحتلة.

ويصادف في شهر رمضان أن يلتقي معه موسم عيد الفصح المجيد عند إخوتنا النصارى وبالذات من هم تحت الاحتلال، رفع الله المكروه عن الاهل جميعًا. ومع كل هذه الاجواء الروحية السامية تأتي حكومة الاحتلال وتنقض العهود وتتعالى على القيم الروحية السماوية فتشارك بتغطية اعتداءات اعضاء متطرفين من الحكومة ومتطرفين من المستوطنين على الأماكن المقدسة الاسلامية، بل تحرس المعتدين ممن يهاجم المصلين والابرياء في ساحات الحرم القدسي الشريف والمسجد الاقصى، متجاوزين على العهود مع الأردن وفلسطين، والقيم الروحيةوالإنسانية. فأين ممارسات هؤ?اء وتراث العرب ومواثيقهم مع سواهم!؟

وأمام المشهد المؤلم هذا وددت لو أرى مشهدا عمليا عربيا له مضاء ٌ وأسنان نحو ما يجري من اذى ًعلى أهلنا وديارنا المقدسة.وكم سعدت قبل ايام برؤية بعض من الرهبان من اخوتنا المسيحيين يصرخ ويدين الاحتلال وتعدياته ناشدا ً العدالة للفلسطينيين وبكلام كله عقل وروح وانسانية.

وتزداد سعادتي لو أشاهد «ثلة» من رجال الدين ومن مسيحيي فلسطين شابكين ايديهم ببعض ويتوجهون نحو المعتكفين في الحرم القدسي متضامنين معهم في ليلة القدر من رمضان تحيطهم اصداء اجراس الكنائس وكنيسة القيامة شابكين أيديهم بأيدي إخوانهم المسلمين معانقين مؤيدين. أنه مشهد مقاومة خير من ألف شهر. فإن منعتهم سلطات الاحتلال أو سمحت لهم ففي كلا الحالين نصر معنوي يكشف الاحتلال، وصرخة ذات دلالة تتجاوب مع نهج وعهدة الخليفة عمر ابن الخطاب حين حل في مدينة القدس.وستتناقلها الانباء دوليا.

أنشد المولى أن يرفع الظلم عنا جميعا ويعيد لنا الأعياد السعيده وأمتنا بخير.