المرأة في المناصب القيادية.. معيقات خفية وتمكين المجتمع ضرورة

أخبار البلد- تتزايد الدعوات لرفع مشاركة المرأة سياسياً واقتصادياً، ويتم التركيز دائماً على أنه تم العمل على التشريعات كي تساعد على رفع مشاركة المرأة، ولكن من تجتهد من النساء لكي تصل إلى مراتب متقدمة تدرك أنه لا يكفي أن يتم تمهيد البيئة التشريعية امام المرأة كي تتمكن من المشاركة السياسية والاقتصادية، فهناك (معيقات مخفية) لا تراها إلا المراة التي تخوض غمار التجربة، سواء أكانت عملاً سياسياً أو اقتصادياً.

معيقات يضعها محيطها ومجتمعها أمامها ليثنيها عن التقدم أو حتى مجرد التفكير بذلك.

أنا هنا لا أنكر قصص نجاح فردية حققتها نساء هنا أو هناك في مسارات متعددة، ولكن حتى تلك النسوة، ورغم ما حققنه من نجاحات، لو أتيحت لهن الفرصة لتحدثن باستفاضة عن تلك «المعيقات الخفية».

حديثي هنا، هو عن نساء حاولن صعود سلم العمل والمثابرة لتحقيق أثر إيجابي وحث غيرهن من النساء على دخول هذه التجربة، إلا أنهن آثرن الانسحاب والهروب الى الخلف حفاظا على ما تبقى من صحتهن النفسية.

ولمن يرغب بمعرفة ما هي «المعيقات الخفية» التي تحد من تقدمنا على سلم المساواة بين الجنسين، وتضعنا في ذيل قائمة ترتيب مشاركة المرأة الاقتصادية، فهي ليست عدم توفر شبكة مواصلات آمنة وسهلة ومريحة، أو عدم توفر الحضانات لأطفال الامهات العاملات أو المساواة بالأجور بين المرأة والرجل أو حماية النساء من التحرش وتوفير بيئة عمل آمنة، أو حتى صعوبة التوازن ما بين الأعمال والواجبات المنزلية، ورعاية الأطفال.

لا، ليست هذه المعيقات وحدها رغم أهميتها، التي تشكل المعوقات الوحيدة بطريق تقدم النساء، بل ما تتعرض له المرأة المجتهدة، والتي تمتلك طموحاً كبيراً للتفوق وتحاول أن تخترق السقف الزجاجي، من مضايقات وتمييز، والتنمر والشائعات، والنقد السلبي ممن حولها والذي يهدف إلى تحطيم ذاتها، وعدم التقبل، فما زال هناك من يرفض وجود النساء في مناصب قيادية، فيتحول رفضهم إلى حالة تأتي على شكل افتعال معارك جانبية، وقد تواجه الضغوط من الأفراد المحيطين بها،كما قد تتعرض للأذى اللفظي أيضاً.

ولأن العقلية السائدة لا تقبل بتفوق المرأة، تأخذ، بعض الأحيان، عقلية المؤامرة مسارها، وتبدأ التساؤلات حول (صاحب الظل الطويل) الذي ينجز أعمالها بالنيابة عنها.

ولا تقتصر عقلية المؤامرة على الذكور، بل ما يثير الدهشة أن هناك نساء يتبنين النظرة الدونية للمرأة وعدم قدرتها على النجاح بقدراتها الشخصية، وتلك النسوة يكن في الغالب ممن لا يمتلكن المهارات القيادية، أو انهن يجابهن بمقاومة اجتماعية تمنعهن من مجرد التفكير بالتقدم إلى الأمام على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فيعبرن عن سخطهن بمقاومة أية محاولات لتغيير الصورة النمطية السلبية عن قدرة النساء على القيادة والتقدم إلى الأمام.

هذه المعيقات، وخصوصا إن كانت كلها مجتمعة في مواجهة المرأة، فهي كفيلة لتحد من طموحها وتمنعها من الاستمرار، وبذلك ستصبح النساء اللواتي خضن غمار التجربة، قصص فشل لا تشجع متخذ القرار على تكرارها، وستجعل غيرهن من النساء التتفكير كثيراً قبل أن تأخذ خطوتها نحو الصعود والتقدم أو خوض التجربة أساساً.

البنية التشريعية مهمة جدا لتسهيل الطريق امام المرأة، ولكن من الضروري العمل على تطوير النظرة المجتمعية للمرأة القيادية، ولا يكف أبداً تمكين الرأة في محتمع ينتج ما يكفي من معوقت تمنع تقدمها، فالتغيير المطلوب في مجال تمكين المرأة وتقدمها ووصولها لمناصب قيادية فعلياً، لا يحصل بمعزل عن إشراك الرجل، وعن تغيير النظرة الذكورية في المجتمع، والتي مازالت ترى أن المرأة أقل من الرجل، وأن ما تحصل عليه من أدوار متقدمة أو مناصب قيادية هي منحة وليست استحقاقاً.

وأقول لكل امرأة تسعى وتجتهد، لا شيء يقف بوجه الإنجاز إلا الضعف والتخاذل.. كوني قوية قادرة على مواجهة التحديات، وقفي صامدة في وجه من يضع العصا في الدولاب، كوني أنت لأنك تستحقين.