بعد قمة «بوتين ــ شي».. هل تُشعِل «واشنطن» جبهات جديدة؟
أخبار البلد-
ما تزال الدوائر السياسية والدبلوماسية والإعلامية وخصوصاً العسكرية/الإستخبارية الغربية، منهمكة في تحليل مضامين وأبعاد سلسلة الإتفاقيات والتوافقات التي تمّ التوصّل اليها خلال زيارة الرئيس الصيني الأولى خارج بلاده منذ انتخابه رئيساً لدورة ثالثة إلى موسكو، وبخاصّة برنامج الزيارة الذي تميّز على نحو لافت بإجتماع «ثنائي» بين بوتين وشي استمر لأربع ساعات ونصف دون حضور أحد من وفدي البلدين, ما منح الزعيمين فرصة نادرة لـ"البوح» والحديث باستفاضة عن مختلف الملفّات, وعلى رأسها بالطبع ما باتت تشكله سياسات الولايات المتحدة?العدوانية تجاه بلديها, والاحتمالات المفتوحة لإنزلاق الأمور الى حرب أميركية مفتوحة ضدهما ليس بالضرورة ان تكون متزامنة. خاصّة ان الدعم الأميركي, الأوروبي, البريطاني والناتوي لنظام زيلنسكي ما يزال مستمرّاً, بنزق واستفزاز كبيرين ينذر (خاصّة بعد قرار حكومة ريشي سوناك تزويد كييف بقذائف مدفعية تحتوي على يورانيوم مُنضّب, بكل ما يمثّله هذا القرار من تهوّر وخصوصاً بعد حصوله على دعم اميركي عبر تبرير متهافت أبداه منسّق مجلس الأمن القومي/كيربي, وهو الذي ألقت بلاده مئات الأطنان من قذائف اليورانيوم المنضّب إلى العراق خلا? الغزو الأميركي/البريطاني في العراق قبل عشرين عاماً.
وإذ توقّف كثير من المحللين والمراقبين وخصوصاً في الدوائر الإستخبارية الأميركية والغربية, عند العبارة المدوّية واللافتة التي وجّهها الرئيس الصيني لنظيره الروسي بوتين عندما قال له «مُودعاً» في ختام زيارته: الآن يا صديق هناك تغييرات لم تحدُث منذ 100عام, عندما نكون معاً - أضاف شي - نَقودُ هذه التغييرات». ما عكس من بين أمور أخرى مدى وعمق النجاح الذي حقّقته الزيارة, على صعيد «تعميق» الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين بيجين وموسكو, ناهيك عمّا يحمله المستقبل القريب من إمكانية لإرتفاع منسوب التنسيق والتعاون بينهما عل? أكثر من صعيد. ليس فقط في شأن رفع مستوى التبادل التجاري بينهما هذا العام الى ما يزيد عن 200 مليار دولار, بل وخصوصاً في شأن مواصلة المناورات والتدريبات العسكرية البحرية والجوية بينهما. على النحو الذي شاركت في بعضه – إيران–, ناهيك عن «دوّريات» الطائرات الإستراتيجية لكلا البلدين في المحيط الهادئ, وبالقرب من شواطئ اليابان وصولاً الى شبه الجزيرة الكورية, إضافة الى موقف موسكو الحاسم تجاه «مسألة» تايوان, باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الصين ودعمها المطلق لسياسات الأخيرة تجاه الجزيرة المتمردة, التي تحظى بدعم أميركي و?وروبي وخصوصاً من حلف الناتو, الآخذ في التمدّد هو الآخر نحو منطقتي المحيط الهادئ والهندي؟, مُكرساً تبعيته لواشنطن, ودائماً عسكرة الأخيرة للعلاقات الدولية عبر بناء الأحلاف العسكرية, على النحو الذي تمثل في التحالف العسكري الثلاثي المسمى «أُوكوس», ورباعية «كواد», وإعادة فتح وبناء مزيد من القواعد العسكرية الأميركية في الفلبين, خاصّة بعد «فوز» ابن الديكتاتور السابق ماركوس في الإنتخابات «الرئاسية» الأخيرة, وإبداء استعداده لإستضافة المزيد من القواعد الأميركية في بلاده.
اين من هنا؟.
ثمّة مؤشرات على ان إدارة بايدن (التي بدأ ساسة ومُحللون استراتيجيون أميركيّون, أُوروبيون وآسيويون يوجهون لها انتقادات لاذعة, بعد ان أسهمت سياساتها في تعميق التحالف الصيني الروسي)، عازمة/واشنطن على إشعال أكثر من بؤرة تؤتّر حتى لو أدت الى اندلاع حروب ساخنة لإستفزاز الصين (وروسيا بالطبع), على النحو الذي رأينا بعض تجليّاته الأسبوع الماضي في بحر الصين الجنوبي, عندما أعلنت الصين عن «طرد» مُدمرة أميركية, اخترقت المياه الإقليمية الصينية، فيما زعمت واشنطن ان «الطردَ» لم يحدث, وأن بحريتها ستواصل الإبحار في تلك المنطق? باعتبارها ممرّاً دوليّاً (لا صينيّاً), وأمر رفضته بيجين وحذّرت من استمراره مُحملة واشنطن العواقب وما قد تُفضي اليه.
وإذا ما أضفنا هذا التطوّر الخطير الى سلسلة الإستفزازات الأميركية في شأن تايوان وعبور قطع البحرية الأميركية (كما طائرات الإستطلاع) مضيق تايوان, فإن من السذاجة الإعتقاد ان بيجين ستضرب صفحاً عن سلوك عدواني واستفزازي كهذا, محمولاً على خطوات سياسية ودبلوماسية, خاصّة الزيارة التي قامت بها تساي إنغ – وين رئيسة تايوان لكاليفورنيا, وإجتماعها مع رئيس مجلس النواب الجمهوري/مكارثي. إذ وصفها مُتحدّث الخارجية الأميركية/برايس بأنها رحلة «ترانزيت» وليست زيارة. في محاولة مكشوفة للتغطية على تواطؤ واشنطن واستمرارها في انتهاج ?ياسة التنصّل من مبدأ «صين واحدة», التي قامت على اساسه العلاقات الأميركية الصينية منذ نصف قرن تقريباً. دون أهمال الدور الصيني المتعاظم عالميا, و«بعضه» نجاح الوساطة الصينية بين بين إيران والسعودية.
هل قُلتم سوريا؟
نعم.. إذ بدأت واشنطن للتوّ عملية تحرّش محسوبة ومُتدحرِجة بسوريا وروسيا, ليس فقط في إتهام الأخيرة بأن طائراتها الحربية تُحلق على ارتفاع منخفض «جداً» فوق قاعدتها العسكرية في مثلث التنف الحدودي, بل خصوصاً رفضها الإنسحاب من سوريا بزعم محاربة داعش, ناهيك عن غاراتها الجوية الأخيرة على نقاط عسكرية في دير الزور ومنطقتي البوكمال والميادين شرقاً, بإدعاء إستهداف جماعات مُسلحة مرتبطة بإيران, فيما هي تروم فتح «جبهة جديدة» ضد روسيا. حيث اسهمت موسكو في «ترطيب» العلاقات السعودية السورية.