أبواب القصر لا تغلق

اخبار البلد-

اعتاد قضاة و محامون على مدى عقود ، التوجه كل صباح الى القصر الذي لا يغلق ابوابه ، (قصر العدل ) .
وهذا الاسم متعارف  عليه للمحكمة الاساسية في العاصمة و المدن الرئيسة والمحافظات ( فيقال قصر عدل السلط وقصر عدل الكرك وقصر عدل عجلون وهكذا، ،،) ولو اختلف مبناها واختلف  موقعها فيبقي العدل هو العدل و القصر هو القصر . 
فالعدل في دولتنا اساس الملك ، ومن الطبيعي جدا ان يكون بيته قصرا للعدل . 
اثناء مواجهة جائحة كورونا عبر الحلول الخلاقة كانت بداية الحكاية ،  استجابة لدعوات قائد لا تستعصي عليه الصعاب،  يحفز الطاقات في المواجهات و لم يكن  التصدي والصمود و المغالبة للانظمة القانونية التقليدية أمرا ممكنا ، لولا عزيمة هذا القائد ، ولله الفضل من قبل ومن بعد . 
لقد ايقظت الهمة  الملكية الكثير من الهمم في قطاعات عدة وهتفنا يومها كما نهتف دوما ( عاش الملك ) ، لان هذه العزيمة الملكية  ليست عزفا على وتر في عزلة عن الواقع ، ولا نداءا يتردد صداه في جبال جرداء ، بل قولا وفعلا  على ارض الواقع ، و اسرع من التوقعات وان من اهم القطاعات واسرعها استجابة منظومة العدالة .  لقد تنبهت مجموعة من المحامين الشبان ، في وقت مبكر  لتجربة التقاضي عن بعد و ازعم انني كنت واحدا منهم رغم اكتساح المشيب شعر راسي ، او ما بقي منه وعملنا كخلية نحل . على الصعيد النقابي عقدت ندوات (عن بعد ) تناولت الفكرةعبر الفضاء الالكتروني اثناء الحظر وذروة الجائحة ، وامكننا كسب الوقت لاثراء الافكار، قدمت مطالعات الكترونيا تم تناقلها على مجموعات الواتس واخرى بالبريد الالكتروني  حتى وصلت لبيت المحامين ( نقابتهم ) ، و المجلس القضائي ، ووزارة العدل في ذروة الجائحة وحظرها الثقيل ، الفكرة كانت عند الكثيرين حلما ، ولم اراها امرا بعيدة المنال من يوم اطلاقها . وكتبت المقالات ، لاكاديميين وفقهاء ، ونشر هذا الموقع ، العديد منها للاستفادة ،من ثورة المعلومات في التخفيف من اعباء  يومية متعلقة بمسائل اجرائية يمكن ان يستعاض فيها عن الاجراء التقليدي بالاجراء الالكتروني عن بعد . ثمرة كل ما ذكر الاستجابة السريعة نسبيا ، ولذلك عدة اسباب ربما مجالها مقال آخر ،  الخلاصة تمت اضافة خدمات الكترونية جديدة و تطوير خدمات سابقة وصدر من المجلس القضائي ،دليل الاجراءات الالكترونية كما صدر امر الدفاع ٢١ الذي اثار الجدل العاصف .

اليوم ما كان محل جدل  اصبح مطلبا لعدد غير قليل من المحامين ، بل هو مشروع قانون معدل لقانون اصول المحاكمات المدنية  المنشور لتلقي الملاحظات على موقع ديوان التشريع 

السؤال هل تحقق الحلم ؟؟

كلا،،،

مازال هناك العديد من الملاحظات الجوهرية التي ذهل عنها المشروع المقترح منها ما هو في المسار الاجرائي و منها التقني اذكرها على عجل :

اولا : ان اقفال باب الحضور الوجاهي للخصوم امام المحكمة ، بحكم القانون  الا في الاحوال المحددة حصرا هو امر  جسيم خطره ،

في الاصول الاجراءات .

فلا يجوز ان يصادر حق المحامي مطلقا قانونا في الحضور وجاهيا .

ولذلك تم الاقتراح و منذ البداية ان يكون للمحامي ( وكيلا للمدعي او المدعى عليه ) الحق بطلب عقد الجلسة الوجاهية كما هو مقرر للمحكمة 

سواءا بسواء ، لا سيما ان مبررات ذلك لا يمكن احصاؤها وقد اشرت اليها في خواتيم المقال .

ثانيا : لقد توسع المشروع بالصلاحيات الجوازية وهو اتجاه معيب  في التشريع عموما فكيف الحال ازاء قانون اجرائي ، و الاصل ان الدعوى الحقوقية يملكها الخصوم ، وعليه فان المامول ان ينهض اهل الفقه الاجرائي بالتعليق على هذا الامر حتى يصار الى احالة المشروع بازهى صوره ضمن ضوابط قانونية موضوعية .

ثالثا  : الاقوال الختامية المرافعات النهائية لقد دابت المحاكم في التطبيق العملي ، منذ عقود ،على تلقي المرافعات الختامية خطيا لضيق وقتها .

، وهو ان كان ملحظا على هذا الاجراء لان الاصل في المرافعة الختامية الشفوية  ، إلا ان ضيق الوقت لدى الهيئات القضائية ، الجأنا للقبول بذلك فالامر اذا ( ضاق اتسع )

اما وان الاجراءات الوجاهية ، اصبحت محددة في مسائل وردت في المشروع المقترح ، فتقديري ، ان فتح المجال للمرافعة الختامية الشفهية لمن رغب من وكلاء الخصوم 

هو امر محمود تشريعيا وسيفضي الى جودة في الاحكام .

وغني عن القول ان الجذر اللغوي للفعل ترافع ، هو الفعل الثلاثي رفع ،

ويقال في اللغة رفع عقيرته اي جهر بصوته كناية .

ويقول الحق سبحانه : لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم و قوة المحامي في الدفاع لابطال باطل ، او الادعاء لاقرار حق جزء من منظومة يسند بعضها بعضا ،  تاتي النصوص و الضمانات القانونية في مقدمتها .


واخيرا وليس آخرا ، لا بد من التاهيل و الاعداد و فتح المزيد من المنصات لتلقي الملاحظات على المشروع ، في مجال التوثيق الالكتروني ، و السهو و الخطأ الماديين ، وايضاح المسائل اللازمة لصحة الاجراءات و الحفاظ على المصالح الاساسية لطرفي الدعوى ، في الدفاع و الادعاء ، واستكمال منظومة الملفات الالكترونية وتهيئة الكوادر في اقلام المحاكم ، لدى معاوني القضاء ، وغيرها من مسائل لازمة لنجاح التطبيق العملي للمشروع . واعتقد جازما ان جميع السلطات حريصة ان لا يسلق مشروع القانون المعدل لاصول المحاكمات المدنية ، فهو جهد تراكم على مدى سنين ، من العمل الجماعي الد ؤوب ، للوصول الى هذا الطموح . واذا نجحنا في مرفق العدالة بتطبيق مبدأ التقاضي عن بعد دون اخلال بسير مرفق العدالة ، فهو نجاح للدولة بسلطاتها و مؤسساتها مجتمعة . هل ستنجح السلطات في المناقشات المستفيضة قبل احالة مشروع القانون؟  وقيل اقراره بصيغته النهائية ؟ الامر على المحك !!.

و لكن ماهو على وجه اليقين  ان ابواب القصر لاتغلق ، ولا يمكن لها ان تغلق . (ان لصاحب الحق مقالا ) ، قبل ان تتعطل لغة الكلام وتقطع دماء ابرار القدس و جنين ونابلس ومدن فلسطين قول كل خطيب ، فنحن معشر النقابيين ننتظر اعلان الاعتصام لمجمع النقابات المهنية ، استنكارا لمجازر الاحتلال و هذا اضعف الايمان، وانا واياهم لعلى موعد قريب .