المطلوب رقم واحد

‏ لم يستطيع أي مسئول أردني أن يحقق الشهرة والأهمية التي وصل إليها الوزير ‏ورئيس الديوان الملكي الهاشمي السابق باسم عوض الله، فالرجل أصبح أشهر ‏سياسي أردني على الإطلاق، ومع انطلاق المسيرات والاحتجاجات الشعبية التي ‏تطالب بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، كان اسم باسم عوض الله الاسم الأبرز ‏الذي تعتبره كل الحركات الإصلاحية الشعبية المطلوب رقم واحد.‏
‏ إلا إن كثيرا من شهادات الأشخاص الذين عملوا مع باسم عوض الله، فترة تولية ‏المسؤولية كانت تدل على أن الرجل وطني، وحريص على الوطن والشعب الأردني، ‏وانه متفاني بالعمل لأجل الوطن، وانه مثال المواطن الشريف الصالح، وان كل ما ‏يثار من أقاويل واتهامات بحق الرجل عبارة عن حسد حاسدين، وحرب على مثال ‏الشاب الوطني الطموح المخلص لوطنه ومليكه، وكمثال على ذلك انظر مقالة الكاتب ‏الأردني عبدالهادي المجالي " باسم " التي قدم لها بقوله ( يقودني غضبي للكتابة، ‏وأحيانا قناعاتي، وأحيانا تقودني عبثيتي،.... ولكن هذه المرة يقودني قلبي للكتابة ‏عن باسم عوض الله)، فهذا الكاتب الأردني يستبعد أن يكون هاوي مجاملة، ‏والمعروف عنه وطنيته الصادقة، وانه لو كان يشعر أن هناك خيانة أو مكر من قبل ‏باسم، لأذاع به فالمصلحة من كشف الألاعيب، أكثر جدوى بالنسبة له من البقاء ‏مستشارا لمخادع، ولكنه وقع في شرك خديعة باسم.‏
‏ أيعقل أن دولة ذات مؤسسات وأجهزة أمنية فذة، تعتبر مرجعية لعظمى الدول في ‏فنون الاستخبار والعمل النوعي، أن تقع ضحية عبقرية ودهاء رجل بالعقد الرابع من ‏العمر، واستطاع أن يجعل من أبناء الوطن الصادقين، حاشية يستظل بهم لتنفيذ ‏مطامعه وتحقيق غاياته، ويتلاعب بمشاعرهم وحسن نواياهم، ويستغل صدقهم ‏ومصداقيتهم، ويتخذها غطاء لشروره ومكره، أيعقل أن رجل يستطيع أن يُفلس دولة، ‏ويُعلّم على كل فطاحلها، ويُسكت كل أصوات الحق التي كانت تكشف ألاعيبه، ويبيع ‏في الوطن ويشري وأبنائه ينظرون، ثم نقول إننا الشعب الواعي، ويضحك علينا ‏معاليه فكيف به لو اخذ لقب دولة، هذا إن ثبتت الشائعات بتوفير الأدلة القانونية التي ‏تجرم أو تثبت الجرم عليه، فليست عملية الإيقاع بداهية من دواهي العرب بالأمر ‏الهين، لا بل إن التاريخ يقول أن مثل هؤلاء يموتون سريعا ويأخذون معهم كل ‏أسرارهم ولا يحاكمون أو يستجوبون أو يسجنون أو يفصحوا عمن شاركهم أو ‏ساندهم.‏
‏ فان كانت تونس كشفت كنوز رئيسها الهارب، ومصر كشفت ثروة فرعونها ‏السجين، وليبيا أخرجت دفائن عرابها المقتول، فهل حِراكات الشارع الأردني ستعيد ‏لخزينة الدولة ما نهب منها جهارا نهارا، تحت اسم مشاريع التحول الاقتصادي، أو ‏ما امتدت إليه يد كبار المسئولين وكبار رجالات الدولة. ‏
‏ نعم كشفت لنا الأيام أن هناك كثير من اللصوص، وبدأ الشارع الأردني يسمي ‏اللصوص باسمائهم الرباعية، وبدأ اللصوص يتلاقون في السجون، وبدأ مجلس ‏النواب بتصحيح مساره، وكخطوة أولى إلغاء المادة 23 المشئومة من مشروع قانون ‏هيئة مكافحة الفساد، وبدا الموظفين يتعاملون مع المسئولين بوعي ومسؤولية وطنية، ‏فمن يسكت على اللص ويتركه يسرق، فهو مثله وشريك له بالجرم.‏
‏ فعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم، والمحافظة على ما بقي من حطام هذا البلد، بعد ‏ما عاث به الفاسدون خرابا ونهبا، باسم المصالح الوطنية، عسى أن يستطيع الشرفاء ‏من المصلحين، أن يعيدوا بنائه على السوية الصحيحة التي تحفظ لشعبه الأمن ‏والكرامة.‏

kayedrkibat@gmail.com