حرب أميركية - صينية: «قبل» انتهاء الأزمة الأوكرانية أم «بعدها»؟؟

أخبار البلد - وسط أجواء دولية مأزومة مفتوحة الإحتمالات، يبدو السؤال أعلاه «مشروعاً»، ليس فقط في الكم الهائل من التهديدات والتحذيرات والتلويح بالعقوبات التي يُطلقها المسؤولون الأميركيون تجاه الصين. آخرها تصريحات رئيس الدبلوماسية الأميركية/بلينكن خلال جولته المثيرة والمُستفِزّة في دول آسيا الوسطى/السوفياتية السابقة والواقعة بعضها (وليس مُصادفة) بين الحدود الصينية والروسية, عندما هدّد/بلينكن الصين باستهداف «الشركات الصينية» حال تزويدها روسيا بأسلحة فتّاكة, على ما تروج مصادر أميركية رسمية بأن بيجين تستعد لخطوة كهذه، مع عدم ?سيان ملف «تايوان» الأكثر خطورة بين بيجين وواشنطن، حيث لم تتوقف الأخيرة ولا يبدو أنها ستتوقف بل هي ماضية في توفير كل أسباب الدعم السياسي والاستخباري واللوجستي والعسكري للجزيرة المُتمرّدة, فضلاً عن اتخاذها سلسلة من الإجراءات والتحرّكات العسكرية التي تثير غضباً صينياً, ليس فقط ملابسات وما انتهت إليه قضية المنطاد الصيني, بل خصوصاً تحليق طائرة استطلاع أميركية فوق مضيق تايوان الاثنين الماضي، ما أثار غضباً صينياً وتشديداً من الجيش الصيني في بيان له بأن يعارض بشدة هذا التدخل الأميركي المُتعمَّد في الوضع الإقليمي و?عطله وتهدّد السلام والاستقرار في مضيق تايوان, بل خصوصاً أن الجيش الصيني يراقب عن كثب الطائرات التي تستخدم أيضاً في مهام مضادة للغواصات أثناء تحليقها عبر المضيق، مؤكداً أن قواته في حال تأهب قصوى في جميع الأوقات وتدافع بحزم عن السيادة الوطنية وسلامة أراضيها.

تلفت الإنتباه هنا مقالة في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية/الأربعاء حذّرت فيه من سيناريو «مُرعب» إذا نشبت حرب بين الولايات المتحدة والصين.. المقالة التي وُقّعها رئيس منتدى كانبيرا «روس بييج» نصح فيها القيادة الأميركية بـ"تجنّب خوض حرب مُتهوِّرة مع الصين, لأنها –قال – لن تُشبه أي صراع خاضه الأميركيون من قبل, مؤكداً في الآن ذاته «أن احتمال نشوب حرب كبرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، هو (الآن) الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية».

صحيح أن «بييج» أشار إلى أن «الشرارة الأكثر احتمالاً ستكون غزو الصين لتايوان»، مُستنداً إلى ما قاله الرئيس الصيني/شي جين بينغ في وقت سابق, بأنَّ توحيد تايوان مع الصين «يجب أن يتحقّق».. إلاّ أن هدفه بـ"استثماره» تصريحات كهذه هو بثّ استنتاجه القائل: أن المصالح الاستراتيجية الحيوية للولايات المتحدة على المحك، حيث – أضاف – أن الغزو الصيني «الناجح» من شأنه أن يُقوِّض موقع أميركا الاستراتيجي في غرب المحيط الهادئ، ويحرِم واشنطن من الوصول إلى «أشباه الموصِلات في العالم والمُكونات الهامة الأخرى المُصنِّعة في تايوان»?

يبقى السؤال هنا: ما الذي أراد الباحث المرموق الوصول إليه, عندما تحدث على مدى وحجم «الخسائرالاستراتيجية» التي ستلحق بالولايات المتحدة جراء «غزو صيني ناجح» لتايوان؟.

أنه يُحذِّر «القيادة الأميركية» من ضرورة تجنّب الدخول في حرب مُتهورة مع الصين «عن غير قصد»، لأن – يُضيف – هذا الصراع سيكون مُختلفاً عن أي شيء واجهه الأميركيون على الإطلاق،، مؤكداً أن السيناريو مُخيف في حد ذاته, حيث أنه من المُرجّح – وِفق الكاتب – أن تشن الصين هجوماً خاطفاً من الجو والبحر والفضاء الإلكتروني, للسيطرة على أهداف استراتيجية رئيسية في تايوان في غضون ساعات، قبل أن تتمكن الولايات المتحدة و"حلفاؤها» من التدخل. مُذكِّراً في الآن ذاته عن مدى «سرعة سقوط أفغانستان وكابول في أيدي حركة طالبان عام/2021، م?ستنتجاً أن «يُصبح الاستيلاء على تايوان مُمكناً في سرعة نسبياً».

يمكن التوقف عند الخلاصة التي انتهى اليها الكاتب, لكن ما يثير المزيد من الأسئلة هو تجاهله الأسباب التي تجعل من حرب كهذه ممكنة الوقوع, ومَن هو الطرف المُتسبّب في ايصال الأمور إلى سيناريوهات مرعبة كهذه.

في السطر الأخير: يؤكد الكاتب إلى أن الاستراتجيين الأميركيين يُفضلون شن حرب بالأسلحة التقليدية، لكن – يضيف – الصينيين مُستعدون لشن حرب أكبر بكثير، ويمكنها أن توثر بعمق على المجتمع الأميركي. خاصة – يستطرد – أن الصين نظرتْ خلال العقد الماضي الى الولايات المتحدة كدولة غارقة في أزمات سياسية/واجتماعية، ويبدو – يواصل – أن الرئيس الصيني/شي الذي «يُحِبّ» الحديث عن «صعود الشرق وانحدار الغرب، يعتبِر أن أكبر نقاط ضعف أميركا تكمُن وراء خطوطها».