مخالفات ليست عادية

أخبار البلد - إعلان الجمعية الوطنية لحماية المستهلك أنها رصدت ارتفاعا في أسعار العديد من السلع الاستهلاكية على مشارف شهر رمضان المبارك الذي سيحل في الثلث الأخير من شهر آذار الحالي لا يمكن اعتباره مجرد مخالفة عادية ارتكبها بعض التجار. وانما خروج عن ثوابت سبق أن التزمت بها الحركة التجارية في تسويقها للمطالبة بإلغاء وزارة التموين، وطرحتها الحكومة في تبريرها للإقدام على تلك الخطوة التي ما يزال المستهلكون يتمنون عودتها، والتي تحول عوامل منطقية دونها.

من تلك الثوابت، الاحتكام إلى عوامل السوق ومنها معادلة العرض والطلب من جهة، مع عدم الإخلال بعملية التنافس بين التجار، إضافة إلى تطبيقات المسؤولية الاجتماعية بمفهومها الواسع بما في ذلك اعتماد هوامش ربحية معقولة يمكن لمحدود الدخل تحملها.
فقد كشفت الجمعية أن ارتفاعا في الأسعار طال العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية، ومنها اللحوم الحمراء والدواجن، والألبان ومشتقاتها والأرز والزيوت النباتية وبنسب "لا يستهان بها”.
مبررات عدم اعتبارها مخالفة عادية، أنها أصبحت حالة تتكرر في كل عام، حتى وإن لم تكن هناك مبررات واقعية كارتفاع الأسعار العالمية نتيجة لأزمات سياسية أو حروب، كما حدث في الأزمة الأوكرانية وقبلها أزمات الخليج العربي أو حتى الأزمة السورية. أو نتيجة لمواسم جفاف كما حدث في أكثر من مكان في العالم وأصاب منتجات استهلاكية أساسية.
نذكر هنا، أن المستهلك تقبل مخرجات الأزمة الأوكرانية، بدءا من ارتفاع أجور الشحن، ورسوم الحاويات، ومخاطر الملاحة العالمية، وارتفاع كلف التأمين على البواخر. وتعايش معها. ومع الارتفاعات الكبيرة في الأسعار. لكنه توقع عودة الأسعار إلى ما كانت عليه بعد أن تراجعت عالميا بنسب كبيرة وإلى نفس المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة وثبات تلك الأسعار عند حدودها ما دام السعر العالمي وكلف الشحن وغيرها من الكلف ثابتة ولم تتغير.
الجمعية ذكرت أن ارتفاع الأسعار جاء في وقت أصبحنا فيه على مشارف شهر رمضان المبارك، وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة وتراجع في القدرة الشرائية. كما ذكرت بأن الارتفاع لم يقتصر على سلع مستوردة، وإنما تعداها إلى منتجات محلية ومنها الألبان التي ارتفعت بنسبة تصل إلى عشرة بالمائة. ومثل ذلك الدواجن والبيض وغيره.
أما بالنسبة للسلع المستوردة، ومنها الأرز والزيوت النباتية، فقد لفتت الجمعية إلى أن التجار لجأوا إلى أسلوب تخفيض أوزان العبوات وبيعها بنفس السعر السابق.
أما الملاحظات الأساسية الأخرى التي نضعها أمام المعنيين في وزارة الصناعة والتجارة فتتمثل بأن رفع الأسعار يتكرر في مرحلة ما قبل رمضان كل عام، وأثناء الشهر الفضيل. وفي الكثير من المواسم، دون حدوث ارتفاعات عالمية في السعر أو كلفة الشحن.
ومن الملاحظات أيضا غياب الرقابة على الأسعار من قبل وزارة الصناعة والتجارة، التي باتت الرقابة عندها أمرا ثانويا يتولاه فريق محدود جدا من المراقبين لا يكاد يغطي أحد أحياء مدينة من مدن المملكة. ومثل ذلك غياب الضوابط اللازمة لضمان تطبيق مبدأ التنافس بين التجار. حيث غابت الرقابة بشكل شبه كامل منذ إلغاء وزارة التموين عام 1998. ولم تعد حتى بعد أن اضيف اسم التموين للصناعة والتجارة عام 2013. واصبح المطلوب من التاجر اعلان الأسعار فقط. واقتصرت صلاحيات الوزارة على تحديد سقوف سعرية للسلعة في حالات محددة.
فهل من حل وسط يضمن رقابة فاعلة على الأسواق؟