لله درّكــــــم ...
كنا قد شرعنا في كتابة مقالتنا "مصر ... بين الفلول والأفول"، فبعد أحداث مدينة بورسعيد، وما تبعها من مواجهات مستمرة حتى اليوم في قلب العاصمة المصرية القاهرة، تذكرنا كيف إنهمرت دموعنا لحظة إعلان إنتصار أرقى الثورات العربية على الإطلاق، على الظلم والطغيان، وكم كنا معجبين بالفعل، بتنظيم ورقي الثورة المصرية، ونتمنى أن لا تضيع هباء في غياهب فلول النظام السابق، أو من يسعون إلى أفول تاريخ وحضارة مصر العريقة، فهناك من يعمل على تخريب البلاد، ونشر الفتن، حتى لا تتم محاكمة الرئيس المخلوع بأي شكل من الأشكال، وحتى يصل بالثوار، وبجميع المصريين إلى مرحلة "لعن الثورة"، والتحسر على أيام حكم مبارك، لذا نتمنى من أحبتنا في مصر، أن يدركوا بأن هناك من يسعى لتضييع ثورتهم، وإعادة البلاد إلى وضع أسوء بدرجات مما كانت عليه أيام النظام السابق. لكن قلمنا أمام مجازر النظام السوري المستمرة، ومجزرة حي الخالدية في مدينة حمص الأبية، أبى إلا أن يغير وجهته، خصوصاً وأن هذه المجزرة أيقظت لدينا، ولدى الكثيرين الذكرى الأليمة، لإحدى أكبر مجازر النظام السوري في مدينة حماه، في العام 1982م. بالأمس كنت أتحدث مع أحد الأشقاء من تركيا، كان يروي لي معاناته مع هذا النظام المجرم، خصوصاً وأن خطيبته من مدينة حمص، ولم أتفاجأ وهو يروي لي تلك التفاصيل عن نظام خرج أحد أزلامه على شاشة التلفاز، ليقول للعالم بأن النظام في سوريا يمكن أن يتغير، ولكن عندما تشرق الشمس من الغرب، وتغرب من الشرق !!! لم أستغرب ما أخبرني به الرجل التركي، من قيام أزلام النظام بتجميع الشباب الثائر بشكل دائري، وتربيط أيديهم وأرجلهم، ثم صب البنزين عليهم، وإشعال النيران فيهم وهم مربوطين، لتتعالى ضحكات هؤلاء المجرمين عندها. روى لي ذلك الرجل أيضاً كيف أن شقيق "الحاكم بأمره" في سوريا، هدد في إحدى المرات الثائرين بالقول: بأنه لم يلبس البدلة العسكرية بعد، وأنه إذا لبسها فهم يعلمون ماذا سيحل بهم!! ولا ندري ترى هل لبسها بعد كل هذه الجرائم، أم ليس بعد !! لكم الله يا أحرار سوريا، فهاهما روسيا والصين من جديد، يقدمون الضوء الأخضر للنظام المجرم في سوريا، ليقتل شعبه بلا هوادة، ولكننا نقول لأحبتنا في سوريا، الأيام دول يداولها رب العزة بين الناس. )ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين (139) إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين(140) ) سورة آل عمران. لله دركم يا أبطال سوريا، رحم الله شهدائكم، من سقطوا في العام 1982م، وقبله أو بعده، ظلماً وعدوانا، فكم من شاب قتل فقط لأنه يحمل ذقنا خفيفة على وجهه، وكم من شابة قتلت فقط لأنها حملت إسماً مشابهاً لأحد المطلوبين، وهاهو محمد الدرة يعود إلينا من جديد، فداء الضيا "محمد الدرة السوري"، وليس الفلسطيني هذه المرة، نحسبه شهيداً بإذن الله، من قتل ظلماً وعدواناً بالأمس بين يدي والده، رحمك الله يا درة سوريا، ورحم درة فلسطين من قبلك، رحمكم الله يا درر القلوب، ونجوم الحرية وزهورها. نرى كيف يقوم أزلام النظام في سوريا بتقديم وجبة يومية إلى رأس النظام، من دماء، ولحوم، وعظام الأبرياء الأحرار، ونرى كيف يتجه رأس النظام في سوريا إلى فعل مماثل لفعل الإمبراطور الروماني نيرون، عندما قرر إعادة بناء مدينة روما في العام 64م، فأشعل فيها النيران لمدة أسبوع، وجلس في برج مرتفع يستمتع بمنظر إندلاع الحرائق، وسماع الصرخات المتعالية، وهو يمسك بآلة الطرب يغني أشعار هوميروس !!! لقد أغفل هذا النظام بأنه حتى وإن أفنى الشعب السوري بأكمله، ستثور عليه دماء الأبرياء، عاجلاً أم آجلاً، ستنتفض عليه الأحجار، والأشجار، فكل مجزرة جديدة، وقود تزيد الثورة إشتعالاً وتأججاً، وما نتمناه هو أن لا تكون نهاية "الحاكم بأمره" في سوريا، كنهاية الطاغية نيرون، الذي هرب من ثورة الشعب ضده، وقام بقتل نفسه وهو مختبئ في غرفته، بل أن يكتب الله عز وجل نهايته على يد أصغر ثائر سوري، حتى يرى هؤلاء الطغاة بعينهم، كيف أهلك الله النمرود بذبابة دخلت رأسه، فكانت لا تهدأ حركتها في رأسه، حتى أمر خدمه بضربه بالنعال على وجهه - أكرمكم الله - ليخف عنه الألم، وظل هكذا حتى مات ذليلاً، لكثرة الضرب على رأسه، فسبحان من يعز من يشاء، ويذل من يشاء. نقول لأبطال سوريا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجند المسلمين، عندما عادوا منتصرين من إحدى المعارك، فأخبروه بأن هناك عدد كبير من الجند إستشهدوا في المعركة ولم يعرفوا وجوههم، فبكى عمر رضي الله عنه وقال: وما ضر هؤلاء أن يعرفهم عمر، إبن أم عمر، إن كان رب عمر يعرفهم !! ونحن بدورنا نسأل الله الثبات لأشقائنا في سوريا، والنصر بإذن الله، (أَم حسبتم أن تدخلوا الجنةَ ولما يأْتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأْساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر اللَّه ألا إن نصر اللَّه قريب) سورة البقرة، الآية 214. لا يضيركم يا أحبتنا في سوريا إن لم نعرفكم، مادام رب العزة يعرفكم، ويعرف مقدار تضحيتكم جيداً، ولا بد لظلام سوريا أن ينجلي، وللظلم أن ينكسر يوماً بإذن الله وإن طال.
م. عبدالرحمن "محمدوليد" بدران