وقفوهم...انّهم مسئولون

وَقِفوهم ... أنّهم مسئولون !! / محمد بدر
جرت العادة أن يتسابق النّاس لتهنئة من يتسلّم منصبا كبيرا بمختلف وسائل وأساليب التّهنئة ، ولسان حالهم يقول يا ليتني كنت مكانه فأفوز فوزا عظيما . وذلك لما يوفّره المنصب للشّخص من وجاهة ومزايا . لذلك تنافس النّاس على المناصب وحاولوا الوصول إليها بكلّ الوسائل وشتّى السّبل . وما أن يصل أحدهم إلى موقعه الجديد حتّى ينسى أنّه أقسم أغلظ الأيمان على الخدمة بأمانة وإخلاص فيستغلّ الموقع الذي أؤتمن عليه أبشع استغلال ويُسخّر إمكاناته لمصالحه الخاصّة ـــ إلا من رحم ربّك ــــ .
إنّ الحكم على الشّيء فرع عن تصّوّره كما يقولون . فالأميبيّة الفكريّة وسيادة المفهوم النّفعي وارتكاس المنظومة القيميّة التي تفشّت في وعينا الجمعي جعلنا نفهم المسؤوليّة فهما معكوسا تماما ، فهي عندنا وجاهة وامتيازات ،إذ يُساءِل الآخرين ويُحاسبهم ، أمّا هو فلا يُسألُ عمّا يفعل حيث لا حسيب ولا رقيب . أنّ الرّجوع للمعنى اللغويّ لكلمة مسئول يجعلنا نفهمها بشكل صّحيح ، فهو مُكلّف بأعمال ومهام عليه تأديتها بكلّ أمانة فان قصّر في ذلك أو أخلّ بواجبات عمله تعرّض للمسائلة والمحاسبة .
لذلك أحجم الكبار من الصّحابة والتّابعين عن قبول تولّي المناصب وان فعلوا بعد ممانعة فإنّهم ينظرون إليها كمغرم توجب التّعب والنّصب وَجِلةً قلوبهم أن لا يستطيعوا أداء حقّ الله والنّاس فيها . فهم يحفظون قول سيّد الخلق عليه الصّلاة والسّلام " ما من راع يسترعيه الله رعيّة فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيّته إلاّ حرّم الله عليه الجنّة " .
ولقد كان من تراثنا عدم الاستشراف لتولّي المناصب ناهيك عن طلبها أو المزاحمة عليها . فهم يعلمون أنّ من طلب المسئوليّة لنفسه وُكل إليها ومن لم يطلبها أعانه الله عليها . وحتّى لا يطلب الأمر إلاّ عُدوله ومن هو على قدر من القوّة والعلم يجب تفعيل مبدأ المُحاسبة والمُسائلة فعندها يتمنى كلّ من ولي أمرا لو أنّه لم يفعل . كما أنّ المحاسبة يوم الحساب الأكبر تكون على قدر ما تولّى من مسئوليّات و النّداء الرّبّانيّ يقرع الأسماع و العقول .. وقفوهم إنّهم مسئولون .
abo_ossama1@yahoo.com