«إسرائيل»: عودة إلى الجذور المنفلتة؟

أخبار البلد-

 

«إسرائيل دخلت الزمن الأسود» و«المنزل يحترق.. الآن هو الوقت الذي نؤكد فيه من نحن حقًا.. ونوع المستقبل الذي نورثه لأطفالنا»: هذه كانت كلمات (ديفيد غروسمان) الكاتب والأديب الإسرائيلي الشهير الرافض للاحتلال خلال المظاهرات الاحتجاجية الإسرائيلية الأضخم منذ سنوات والتي خرجت في مواجهة «تحالف الفاشية اليهودية الجديدة» المتمثل بسياسات الحكومة ومخاطرها، في ظل وجود وزير الأمن القومي (إيتمار بن غفير) و(بتسلئيل سموتريتش) المسؤول عن «الإدارة المدنية» لسلطات جيش الاحتلال بسلطات جديدة والمسؤول عن الاستعمار/ «الاستيطان».

وفي افتتاحية حديثة لصحيفة «هآرتس» بعنوان «بن غفير يريد ميليشيات»، طالب (بن غفير) بعملية «حارس الأسوار 2»، لتعزيز موقف الشرطة فوراً. وقد تساءلت الصحيفة عن هدف (بن غفير)، متوقعة أن ما يقصده الوزير عندما يستخدم مصطلح «حارس الأسوار 2» هو مواجهات عنيفة، مضيفة أنه أضاف قائلا: «سأكون الجهة المباشرة التي سيأمر بها «حارس الأسوار 2». وبذلك، بحسب الصحيفة، هو الذي سيحدد متى ستقع المواجهة الخطرة!! وكان (بن غفير) قد طالب بزيادة ميزانية الشرطة بصورة كبيرة تسمح بإقامة حرس وطني، يكون تابعاً لقوات حرس الحدود في الضفة، وزيادة رواتب عناصر الشرطة بشكل «محرز»، وتجنيد عشرات الآلاف من المتطوعين، أي أنه يعبد الطريق لقيام ميليشيات مسلحة غير تابعة للشرطة وتنافس جيش الاحتلال في مدن الضفة، «هدفها وقواعد سلوكها وأوامر فتح النار يحددها من يحمل في يده عبوة ناسفة يمكن أن تحرق المنطقة»، بحسب «هآرتس». وفي الإطار ذاته، أعلن (يوفال ديسكن) أحد الرؤساء السابقين «للشاباك–جهاز الأمن العام الإسرائيلي»: «كل مواطن في الدولة يعرف أن سلطة القانون التي خسرناها في فترة حكومات نتنياهو هي ضعف حوكمة السلطات في الدولة. وخلال سنوات حكمه، أصبحت الدولة ممتلئة بالسلاح غير القانوني، ومصابة بداء الجريمة والقتل. دولة تحكمها فعلاً عائلات الجريمة ومنظماتها».

هذه هي «إسرائيل» اليوم، المرتبطة كل مقارفاتها أساسا بمشروعها الاستعماري/ «الاستيطاني"/ الإحلالي، والتي باتت «تؤمن» في ظل الصمت (بل الخذلان) الرسمي العربي عموما والدولي، أنها قادرة على تحقيق مشروعها دون معارضة. ومن الثابت أن المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين وأسفرت عن ارتقاء تسعة شهداء وإصابة العشرات، وما تبعها من أعمال قتل للفلسطينيين، هي تتويج لسياسة البطش والقتل والإعدامات الميدانية المتواصلة التي يمارسها الاحتلال، والهادفة إلى القضاء على المقاومة في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية. ومجزرة جنين، وما سبقها ولحقها، ماركة إسرائيلية تمارسها الحركة الصهيونية بمسميات متعددة، منذ ما قبل (نكبة) 1948، على أيدي ميليشيات عصابات الهاجاناه وتزفاي لئومي وغيرهما وصولا إلى «جيش الدفاع»، وحرس الحدود، وقوات الشرطة، وعصابات «المستوطنين» في الضفة الغربية. واليوم تتكرس هذه الأدوات الفاشية في «ميليشيات» مستقلة بقراراتها على نحو يذكرنا ببدايات الغزو والاحتلال، مع ثبات أساليبهم وأهدافهم: القتل والمجازر كوسيلة للسيطرة على الأرض وإفراغها من أهلها والسيطرة على المتبقي من أهلها!!!

لكن، ها هو الجيل الفلسطيني الجديد يثبت أنه «لم، ولن، ينسى»، وأنه جيل مقاوم حد الشهادة وصولا إلى التحرر. هذا هو صوته المتدفق، فمتى يجد العون اللازم من خلال الأصداء المتناغمة معه عربيا وإسلاميا ودوليا.